الخميس, 27 نوفمبر 2025 03:08 PM

واشنطن بوست: هل تحولت أمريكا إلى دولة مارقة؟ وحلفاؤها يبحثون عن بدائل

واشنطن بوست: هل تحولت أمريكا إلى دولة مارقة؟ وحلفاؤها يبحثون عن بدائل

في مقال له بصحيفة واشنطن بوست، رسم الكاتب والمحلل السياسي ماكس بوت صورة قاتمة لمكانة الولايات المتحدة في النظام الدولي في عهد الرئيس دونالد ترامب. يرى بوت أن أمريكا تحولت من قوة ديمقراطية رائدة إلى "دولة مارقة"، مما يدفع حلفاءها التقليديين للبحث عن ترتيبات أمنية بديلة.

استند الكاتب في مقاله إلى مشاهداته في "منتدى هاليفاكس الدولي للأمن" الذي انعقد مؤخراً في كندا. وقد لفت غياب الإدارة الأميركية عن المنتدى انتباه المشاركين، الذين اعتبروه دليلاً إضافياً على ابتعاد الولايات المتحدة عن دورها التاريخي في قيادة التحالفات الديمقراطية.

أشار الكاتب إلى أن المشاركين في منتدى هاليفاكس، الذي انعقد في الفترة من 21 إلى 23 من الشهر الجاري، لم يكونوا مرتاحين تجاه ترامب. حتى أن معظم أعضاء الوفد الأميركي من الحزب الجمهوري أبدوا استياءهم من محاولة الرئيس إرغام أوكرانيا على قبول اتفاق سلام أحادي الجانب.

كما ذكر المقال أن العلاقات الأميركية الكندية تدهورت إلى أسوأ مستوياتها منذ القرن التاسع عشر، بعد فرض ترامب رسوماً جمركية ثقيلة على كندا، بالإضافة إلى الإهانات والإصرار على أن تصبح الولاية الأميركية رقم 51.

ووصلت العلاقات الأميركية الأوروبية إلى مرحلة حرجة جديدة يوم انعقاد المنتدى، حين وجهت الولايات المتحدة إنذاراً لأوكرانيا بضرورة قبول خطة سلام موالية لروسيا، أو المخاطرة بفقدان الدعم الأميركي.

وذكر بوت أن كندا تتجه اليوم نحو الصين والهند، وتدرس حتى التخلي عن شراء مقاتلات "إف-35" الأميركية. وفي المقابل، تشهد أوروبا أزمة ثقة عميقة بعد إملاءات واشنطن على أوكرانيا لقبول خطة سلام منحازة لروسيا، مما جعل القادة الأوروبيين يجزمون بأن الولايات المتحدة لم تعد شريكاً موثوقاً كما كانت.

ويرى الكاتب أن حلفاء واشنطن الذين اعتقدوا في السابق أن سياسة "أميركا أولاً" ليست سوى انحراف عابر، باتوا على قناعة بأن التغيير في التوجه الأميركي أصبح بنيوياً وطويل الأمد، وهو ما دفعهم إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي، ليس فقط استجابة لضغوط ترامب، بل نتيجة مخاوف من روسيا والصين وتآكل الثقة بالضمانات الأميركية.

وقال المحلل السياسي إن الأوروبيين والكنديين يدرسون الآن وضع ترتيبات أمنية مشتركة خارج المظلة الأميركية، مما قد يمهد لنشوء حلف "ناتو ما بعد الحقبة الأميركية"، وهو ما قد يؤدي إلى أن تمتلك بعض الدول المنضوية فيه أسلحة نووية خاصة بها.

كما يتوقع المقال أن يتجه الناتو نحو مستويات أعلى من التكامل الدفاعي بين مجموعات محددة مثل تجمع دول الشمال والبلطيق، وأن يشتري الحلفاء المزيد من الأسلحة من بعضهم بدلاً من الاعتماد على الصناعات الدفاعية الأميركية.

وفي الوقت نفسه، تتعزز الشراكات بين الناتو والديمقراطيات الآسيوية المتشابهة في التوجه، بما يعكس تحولاً عالمياً في هندسة الأمن الجماعي، بحسب الكاتب.

ويخلص بوت في مقاله إلى أن فكرة إنشاء "رابطة عالمية للديمقراطيات" ستظل عصيّة على التطبيق بسبب اختلاف الرؤى بين ديمقراطيات الجنوب العالمي ونظيراتها الغربية.

لكن أوروبا وآسيا تمتلكان كتلة ديمقراطية متجانسة بما يكفي لبناء تنسيق أمني مشترك، وإن كان ذلك على حساب النفوذ الأميركي الذي يتآكل يوماً بعد يوم، على حد تعبيره.

مشاركة المقال: