الإثنين, 24 نوفمبر 2025 05:33 PM

ورشة عمل في إسطنبول تؤكد: العدالة الانتقالية في سوريا ضرورة وطنية شاملة وليست خياراً سياسياً

ورشة عمل في إسطنبول تؤكد: العدالة الانتقالية في سوريا ضرورة وطنية شاملة وليست خياراً سياسياً

تعتبر العدالة الانتقالية عنصراً أساسياً لأي عملية انتقال سياسي موثوقة، فهي شرط لازم لعودة الثقة العامة، واستعادة السلام المجتمعي، وبناء دولة القانون التي تحترم حقوق الإنسان، ومنع تكرار الأنظمة القمعية التي سيطرت على سوريا لعقود. انطلاقاً من هذا التصور، انعقدت ورشة العمل الحقوقية المتخصصة حول العدالة الانتقالية في سوريا، والتي نظمها المجلس العربي في مقره بمدينة إسطنبول قبل أيام، وتحديداً في 21 من الشهر الجاري. هدفت الورشة إلى وضع رؤية عملية وشاملة لمسار العدالة الانتقالية في سوريا، مع الأخذ في الاعتبار تعقيدات الصراع، وتعدد الانتهاكات، وغياب الأطر المؤسسية الفعالة خلال العقد الماضي.

أكد المعتصم الكيلاني، الخبير القانوني المقيم في باريس والمتخصص في مجال حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، وأحد منظمي الورشة، في تصريح لـ"الوطن" أن المشاركين أجمعوا خلال تقييم الوضع السوري على أن العدالة الانتقالية تمثل ضرورة وطنية وليست مجرد خيار سياسي. واعتبروا أن إنشاء الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، والهيئة الوطنية للمفقودين يشكل مدخلاً ضرورياً لبدء مسار العدالة، مع التأكيد على أهمية تمكين هاتين الهيئتين دستورياً ومالياً، وضمان استقلاليتهما التامة وإدارتهما وفق معايير مهنية موحدة.

وأشار الكيلاني إلى أن المشاركين أكدوا على أن الضحية هي محور العملية الانتقالية، وأن كشف الحقيقة هو الأساس لمنع تكرار الانتهاكات، مع ضرورة المحاسبة العادلة ورفض الإفلات من العقاب، من خلال المحاسبة الفردية للمرتكبين الرئيسيين للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وعدم القبول بالعفو الشامل عن الجرائم الجسيمة، ورفض مقايضة العدالة باتفاقات سياسية أو مالية، والتعاون مع الآليات الدولية، بما فيها الآليات الأممية، إضافة إلى الاستفادة من الولاية القضائية العالمية.

وبحسب الكيلاني، أوضح المشاركون أن العدالة لن تكتمل من دون إصلاح مؤسسي عميق، يشمل إعادة هيكلة القضاء، وتفكيك شبكات الفساد والمحسوبيات، ومراجعة البنية الأمنية وضمان خضوعها للسلطة المدنية المنتخبة، وبناء قضاء مستقل قادر على التعامل مع الملفات المعقدة المتعلقة بالجرائم الكبرى.

وقال المشاركون في بيان حول مخرجات الورشة: "لن تكون العدالة الانتقالية ذات معنى إذا استمرت الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاغتيالات، وانتشار السلاح".

كما تم خلال الورشة استعراض تجارب تونس، رواندا، جنوب إفريقيا، العراق ولبنان.

وخلصت الورشة إلى أن العدالة الانتقالية في سوريا ليست مجرد مسار قانوني أو سياسي، بل عملية وطنية شاملة تتطلب إرادة سياسية مستقلة، ومؤسسات قضائية نزيهة، ومشاركة واسعة للضحايا، ومن المجتمع المدني الفاعل، وتعاوناً دولياً مستداماً.

عقدت الورشة برئاسة الدكتور منصف المرزوقي، رئيس المجلس العربي ورئيس الجمهورية التونسية الأسبق، بمشاركة نخبة من الخبراء، والقضاة السابقين، والحقوقيين، والباحثين السوريين والعرب، إضافة إلى ممثلين عن منظمات مجتمع مدني سورية.

مشاركة المقال: