عقد الرئيس السوري أحمد الشرع لقاءً ودّياً مع أبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة، وذلك على هامش زيارته التي وصفها البعض بالتاريخية. اللقاء لم يقتصر على المحاضرات السياسية والمعلومات الحساسة، بل هدف إلى تعزيز التواصل بين الشرع والجالية السورية التي تلعب دوراً هاماً في التأثير على دوائر القرار الأميركية بهدف تخفيف العقوبات عن سوريا وتعزيز العلاقات الثنائية.
تخلى الشرع عن الرسميات واستُقبل بهتافات “ارفع راسك فوق، إنت سوري حر”، ما عكس ترحيباً حاراً بشخصه من قبل الجالية. وقام بتقبيل جبين صفّوح البرازي، أحد أقدم معارضي نظار الأسدين، تقديراً لنضاله السياسي المستمر منذ 52 عاماً. كما مازح الحضور وشاركهم الضحك في عدة مناسبات، في إشارة إلى رغبته في بناء علاقة ودية معهم.
أكد الشرع على أهمية دور الجالية السورية والشعب السوري بشكل عام، مشيراً إلى دور السوريين في مستقبل سوريا، ومؤكداً أن السلطة “لا تساوي شيئاً دونكم”. واعتبر أن “المحبة والإخلاص” للوطن هما أساس بناء سوريا، وليس فقط “الأبراج والمباني والشوارع”، وحثّهم على عدم الاستهانة بقدراتهم في دعم بلدهم، بهدف حشد جهود السوريين للمشاركة في عملية إعادة البناء.
وصف حميد إمام، أحد أعضاء الجالية السورية الذي حضر اللقاء، الأجواء بأنها “مريحة”، وشعر وكأنه يتحدث مع “أخ أو صديق أو ابن يتحدث مع أهله”. استخدم الشرع لغة “بسيطة وصادقة”، وشبّه البعض في سوريا بـ”ميسي”، معبراً عن معاناة السوريين في ظل نظام الأسد والظروف الصعبة التي عاشها مع عائلته، ونقل إمام عن الشرع قوله: “نحن كمان تشنططنا وتبهدلنا”.
لم يغفل الشرع الحديث عن حياته الشخصية، وربطها بمسيرته السياسية والعسكرية في سوريا. وتحدث عن اضطراره لتغيير سكنه عدة مرات، ومعاناة زوجته في التأقلم مع هذا الواقع. وذكر أن زوجته كانت طالبة سنة أولى في الجامعة حينما تزوجها، ولم تستطع إكمال دراستها إلا هذا العام بسبب ظروف الحرب، ثم مازح الحضور قائلاً إن زوجته من مواليد 1994 وليس 1984.
غلب جو المرح على اللقاء، وأظهر الشرع روحاً فكاهية قريبة من الناس، وأضحك الحضور عدة مرات، وتساءل “كيف حكم هالأهبل بشار الأسد ربع قرن؟”. وحينما صعد وزير خارجيته أسعد الشيباني إلى المنصة وجلس على كرسي بجانبه، طالب الشرع بالجلوس على كرسي مماثل، بعدما كان يجلس على مقعد مريح، في لفتة اعتبرها الحاضرون متواضعة.
يُدرك الشرع أهمية العلاقة مع السوريين عامة، والجالية في الولايات المتحدة خاصة، نظراً لدورها السياسي والاقتصادي في بناء سوريا وإعادتها إلى المجتمع الدولي، لكون اللوبي السوري فاعلاً في هذا السياق. ويعرف حساسية العلاقات بين السوريين أنفسهم بعد حرب سياسية ومذهبية، وأن هناك الكثير المطلوب لردم الهوة وتغيير الصورة، من “الجولاني” إلى “الشرع”.