الجمعة, 22 أغسطس 2025 02:07 PM

أسعد الشيباني: نفوذ يتجاوز وزارة الخارجية في سوريا الجديدة

أسعد الشيباني: نفوذ يتجاوز وزارة الخارجية في سوريا الجديدة

لا يزال الدور الذي يلعبه وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، محط تساؤلات عديدة، حيث يتعدى نطاق مهامه الوزارية الرسمية. يظهر الشيباني في ملفات سياسية وأمنية تتجاوز صلاحياته المباشرة، مما يعكس نفوذاً خفياً داخل أروقة السلطة الجديدة في دمشق.

برز اسم الشيباني بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بعد سنوات من العمل السري تحت أسماء مستعارة مثل "أبو عائشة"، و"زيد العطار"، و"حسام الشافعي". يعود أصل الشيباني إلى محافظة الحسكة، وكان من بين المؤسسين الأوائل لجبهة النصرة عام 2012، التي تطورت لاحقاً إلى هيئة تحرير الشام. هذا يكشف عن علاقته القديمة بالرئيس السوري الحالي، أحمد الشرع، الذي قاد الجبهة والهيئة في مراحل مختلفة.

قبل الثورة، كان الشيباني خريج قسم اللغة الإنجليزية من جامعة دمشق، لكنه انتقل لاحقاً إلى العمل السياسي والدبلوماسي، وحصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة صباح الدين زعيم التركية عام 2022. خلال تلك الفترة، لعب دوراً دبلوماسياً بارزاً لصالح الهيئة، وشارك في لقاءات خلفية مع شخصيات دولية، من بينها اجتماع عام 2017 مع الدبلوماسي البريطاني جوناثان باول، الذي يشغل حالياً منصب مستشار الأمن القومي البريطاني.

كما ظهر اسم الشيباني في لقاء إعلامي شهير عام 2021 جمع أحمد الشرع (المعروف سابقاً بالجولاني) مع الصحفي الأمريكي مارتن سميث، حيث ظهر الشرع ببدلة رسمية للمرة الأولى، في محاولة لتغيير صورة الهيئة أمام المجتمع الدولي.

بعد سقوط النظام السابق، تولى الشيباني منصب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ التي انتقلت إلى دمشق، وذلك في 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، واستمر في منصبه بعد تشكيل الحكومة الجديدة في مارس/آذار 2025. كما تم تعيينه عضواً في مجلس الأمن القومي في 12 مارس/آذار من العام نفسه.

منذ توليه وزارة الخارجية، أظهر الشيباني نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، شمل زيارات خارجية متعددة، ولقاءات مع مسؤولين دوليين، وظهور إعلامي لافت، مثل رفعه العلم السوري أمام مقر الأمم المتحدة في أبريل/نيسان الماضي. وقد سعى إلى ترسيخ دور وزارته في المرحلة الانتقالية، وإعادة صياغة علاقات سوريا الخارجية، وتقديم صورة جديدة للدبلوماسية السورية.

لكن الشيباني لم يخلُ من الجدل، إذ أثارت بعض تصريحاته انتقادات واسعة. ففي فبراير/شباط الماضي، خلال مشاركته في القمة العالمية للحكومات في دبي، قال: "نحن حررنا الشعب السوري، وإذا حررت مختطفاً فلا يمكن أن يسألك إلى أين ستأخذه"، وهو تصريح اعتبره كثيرون تبريراً للحكم المطلق، ورفضاً لفكرة المحاسبة.

وفي مارس/آذار، خلال مؤتمر بروكسل للمانحين، تحدث عن "54 عاماً من حكم الأقلية"، وهو ما اعتُبر تصريحاً طائفياً وغير دقيق، نظراً لتنوع مكونات النظام السابق، وعدم اقتصار ممارساته القمعية على طائفة بعينها.

أما في يوليو/تموز، فقد أثار تصريح آخر جدلاً واسعاً حين نفى وجود خطة لإبادة الدروز في السويداء، مؤكداً أن حمايتهم مسؤولية الدولة، وذلك في ظل تصاعد التوترات والانتهاكات في المحافظة.

اللافت أن نشاط الشيباني لا يقتصر على الملفات الخارجية، بل يمتد إلى قضايا داخلية حساسة، حيث كان إلى جانب الرئيس الشرع في توقيع الإعلان الدستوري، وتسليم نتائج لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل. كما أصدر قراراً بإنشاء "الأمانة العامة للشؤون السياسية" داخل وزارة الخارجية، للإشراف على النشاطات السياسية داخل سوريا، وإعادة توظيف أصول حزب البعث وأحزاب الجبهة بما يخدم المرحلة الجديدة.

وقد أثارت هذه الخطوة تساؤلات حول صلاحيات الوزارة، خاصة بعد إصدار بيانات تتعلق بقضايا داخلية مثل منع دخول قافلة إنسانية إلى السويداء، أو لقاء الوزير بفريق بحث "مجزرة التضامن"، وهي ملفات عادة ما تكون من اختصاص وزارات أخرى.

ويظهر الشيباني بشكل دائم إلى جانب الرئيس الشرع في مناسبات غير رسمية، مثل ظهورهما معاً في مقطع مصور أثناء لعب كرة السلة أو تناول الشاي في بلودان، ما يعزز الانطباع بأن دوره يتجاوز بكثير حدود وزارة الخارجية، ويضعه في موقع مركزي داخل السلطة السورية الجديدة.

سناك سوري

مشاركة المقال: