الجمعة, 26 سبتمبر 2025 08:46 PM

التوكل على الله: فلسفة حياة مطمئنة وراحة قلب في مواجهة تحديات اليوم

التوكل على الله: فلسفة حياة مطمئنة وراحة قلب في مواجهة تحديات اليوم

كثيراً ما يتوهم الإنسان قدرته على السيطرة التامة على كل تفاصيل حياته، فيضع الخطط المحكمة، ويحسب الاحتمالات بدقة، ويغرق في القلق بشأن المستقبل، مثقلاً بالخوف من المجهول. لكن الحقيقة المؤكدة هي أن جزءاً كبيراً من الأحداث والنتائج يقع خارج نطاق سيطرتنا وإرادتنا.

هنا تتجلى قيمة عظيمة من قيم القرآن الكريم: التوكل على الله. يقول الحق سبحانه: "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ". إنها ليست مجرد آية، بل هي فلسفة عميقة تعيد تشكيل علاقتنا بالكون، فكل ما يصيبنا مقدر بحكمة إلهية، ولا يغيب عن علم الله ورحمته.

وقد أوضح النبي ﷺ المعنى العملي للتوكل بقوله: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً". فالطير لا تظل في أعشاشها مكتوفة الأجنحة، بل تسعى وتبذل جهدها، ثم تنال رزقها بما قدره الله لها.

إذن، التوكل ليس ضعفاً أو استسلاماً، بل هو مزيج من السعي البشري والثقة بالله. هو أن تبذل قصارى جهدك، ثم تضع قلبك بين يدي الله، واثقاً بأن ما كتبه لك سيصلك، وأن ما صرفه عنك هو رحمة بك.

عندما نعيد النظر إلى حياتنا من هذا المنظور، نجد أن القلق يتلاشى تدريجياً. فالمستقبل لم يعد تهديداً، بل فرصة، والقدر لم يعد لغزاً مخيفاً، بل رسالة حب من الله لعبده. يقول تعالى: "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه"، أي أنه كافيه، ومن كفاه الله فماذا يخاف؟

في يوم الجمعة، يوم السكينة والاجتماع، نتذكر أن التوكل ليس مجرد كلمة نرددها، بل هو طريق إلى الحرية الداخلية، حرية من القلق والخوف وثقل الوهم بأننا نتحكم في كل شيء. التوكل يعلمنا أن نسعى بوعي، ونطمئن بصدق، ونسلم أمرنا لرب لا ينسى ولا يغفل.

فليكن شعارنا في هذا اليوم المبارك: "وعلى الله فليتوكل المؤمنون". جمعة مباركة بإذن الله تعالى، وتقبل الله طاعاتكم. المهندس نضال رشيد بكور (موقع اخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

مشاركة المقال: