الأربعاء, 3 ديسمبر 2025 11:01 AM

الجامع العمري في إزرع: تحفة أثرية شاهدة على التنوع والتسامح الديني

الجامع العمري في إزرع: تحفة أثرية شاهدة على التنوع والتسامح الديني

يقع الجامع العمري في منطقة إزرع الأثرية، محاطًا بالكنائس والبيوت الأثرية الرومانية والبيزنطية، والتي لا يزال بعضها مأهولًا حتى الآن. وأوضح رئيس دائرة آثار درعا، الدكتور محمد خير نصر الله، لـ"الحرية" أن الجامع شهد مختلف العصور والأديان، ويتضح ذلك من العناصر المعمارية المنتشرة في أجزائه المختلفة. يمكن للزائر مشاهدة تيجان وأجسام وقواعد الأعمدة، بالإضافة إلى السواكف الضخمة والميازين والربدان المتقنة النحت، مما يجعله يتماثل مع الأبنية الدينية الأخرى في حوران وسوريا.

وأشار إلى أن ملكية الموقع تعود للأوقاف الإسلامية في محافظة درعا، وهو مسجل لصالح دائرة آثار درعا بالقرار رقم 142/ آ/ بتاريخ 21/10/ 1968م. وأكد أن الجامع يحظى بقيمة كبيرة لدى أهالي مدينة إزرع، نظرًا لموقعه في وسط المدينة القديمة وإحاطته بالكنائس والبيوت الجميلة من كل جانب. وهو أحد أربعة مساجد عمرية يعود تاريخ بنائها إلى فترة الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أمر بتشييدها أثناء زيارته للمنطقة. المساجد الثلاثة الأخرى موجودة في مدن بصرى وصلخد ودرعا المدينة.

لم يتم التمكن من معرفة الشكل الأصلي للجامع العمري في إزرع بسبب الأضرار التي لحقت به، والتي أدت إلى سقوط ثلاثة صفوف من أعمدة الحرم بشكل كامل، بالإضافة إلى سقوط المئذنة الواقعة في الجهة الشمالية الغربية من البناء قبل أكثر من ستة عقود. وتشير المؤشرات إلى أن البناء بأكمله كان مصممًا بأسقف مستوية من ألواح الحجر البازلتي المتوفر بسهولة في حوران.

وأضاف أن الجزء الجنوبي من الجامع، الذي تبلغ مساحته 47×33 مترًا، استخدم منذ حوالي قرن ونيف من الزمن كمدرسة لتعليم أبناء القرية أصول الكتابة وتحفيظ القرآن. ويتكون الجامع من عدة أقسام، حيث يشكل الحرم (مكان إقامة الصلاة) القسم الجنوبي من البناء. ووفقًا لدراسة وحيدة أجراها المهندس الألماني ميخائيل ماينكه، يتألف الجامع من خمسة أجنحة تقطعها صفوف من الأعمدة التي تحمل أقواسًا نصف دائرية كبيرة، وسقفًا حجريًا قوامه الربدان والميازين. أما الصحن فيقع في القسم الشمالي من البناء ويمثل الفناء المكشوف كما هو الحال في جامع درعا والجامع الأموي في دمشق والعديد من الجوامع الإسلامية المبنية وفق هذا الطراز. لكن أغلب أجزائه طالها العبث والتخريب والإهمال، ولم يتبق سوى جزء صغير من الجدار الشرقي. ولم يتبق من المئذنة شيء يدل على شكلها القديم، ولكن يعتقد أنها كانت في الزاوية الشمالية الغربية من الصحن كالتي تتواجد في جامع درعا، ويصفها البعض من أبناء المنطقة بأنها كانت مربعة الشكل من الأسفل ترتفع لحوالي 37 مترًا وفيها عدد من النوافذ والفتحات وممرات عند قاعدتها، ومبنية بكاملها من الحجر.

وفي وصف الرواق الشمالي، قال رئيس الدائرة إنه مستطيل الشكل ويناظر الحرم (الرواق الجنوبي)، وفي منتصفه من الداخل توجد قنطرتان اثنتان على الأرجح أنهما من العهد البيزنطي، وتحملان سقفًا مكونًا من الجوائز الحجرية (الربذ) والميازين محمولًا على أعمدة مقنطرة، وعرض هذا الرواق من الداخل ٥.٣٠ مترًا وسقفه بسماكة ٧٠ سم مكون من الربذ، وتعلوه طبقة تقليدية مكونة من الأتربة والكلس وبحص الخفان.

تجدر الإشارة إلى أن الجامع يحتاج إلى أعمال تدعيم إسعافي وطارئ للمبنى لتجنب حدوث أي انهيارات في أجزائه بسبب العوامل الطبيعية أو البشرية، ولكي يكون جزءًا من المسار السياحي للمنطقة الأثرية في مدينة إزرع وشاهدًا على التنوع الديني والتسامح في المنطقة. اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: