سجل سعر الأونصة ارتفاعاً تاريخياً غير مسبوق، متخطياً حاجز الـ 4,000 دولار لأول مرة، وذلك نتيجة لضعف الدولار وتصاعد التوترات الجيوسياسية على مستوى العالم. واستقر سعر الأونصة مساء اليوم عند مستوى 4,017 دولاراً في الأسواق الفورية، وفقاً لبيانات وكالة الفرات للأنباء.
وتشير تقارير مالية دولية إلى أن هذا الارتفاع الاستثنائي جاء نتيجة لتضافر عدة عوامل، من أهمها تراجع قيمة الدولار الأميركي وزيادة التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي، الأمر الذي قلل من العائد على الأصول المقومة بالدولار وعزز الإقبال على الذهب كملاذ آمن.
كما ساهمت المخاطر السياسية في منطقة الشرق الأوسط، والأزمة الأوكرانية، وتصاعد التوتر بين القوى الكبرى في زيادة الطلب الاستثماري على الذهب بشكل ملحوظ. وتظهر بيانات مجلس الذهب العالمي أن المعدن قد ارتفع بنسبة 26% خلال النصف الأول من عام 2025، مدعوماً بعمليات شراء واسعة النطاق من البنوك المركزية التي تسعى إلى تنويع احتياطاتها وتقليل اعتمادها على العملات الأجنبية. هذا الطلب المؤسسي القوي عزز الاتجاه الصاعد للذهب على الرغم من عمليات جني الأرباح المتقطعة في الأسواق.
وفي سياق متصل، قام بنك “غولدمان ساكس” برفع توقعاته لسعر الذهب إلى 4,900 دولار بحلول نهاية عام 2026، بينما توقع دويتشه بنك أن يستقر المعدن عند مستوى 4,000 دولار خلال العام نفسه، وذلك استناداً إلى استمرار الطلب القوي وتراجع قيمة الدولار. ومع ذلك، حذر محللون من احتمالات حدوث تصحيح سعري مؤقت قد يعيد الذهب إلى مستويات تتراوح بين 3,500 و 3,700 دولار قبل أن يستأنف الصعود.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن مسار الذهب في المدى القريب يرتبط بشكل مباشر بقرارات السياسة النقدية الأميركية ومستوى التوترات العالمية، حيث أن أي تأخير في خفض أسعار الفائدة أو أي انفراج سياسي قد يؤدي إلى تباطؤ الصعود مؤقتاً. ومع ذلك، يتفق المراقبون على أن الذهب لا يزال الأصل الأفضل أداءً في عام 2025، متفوقاً على الأسهم والسندات بأكثر من 50% من حيث معدل النمو السنوي.
وفي ضوء هذه المؤشرات، من المتوقع أن يحافظ الذهب على مكانته كملاذ استراتيجي في ظل استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية، مع احتمالات تسجيل قمم جديدة إذا استمر الضغط على الدولار وتوجهات التيسير النقدي في الاقتصادات الكبرى.