يستعد مخيم الزعتري، الواقع شمال الأردن، لتوديع المزيد من اللاجئين مع تزايد أعداد العائدين إلى سوريا. يبلغ عدد اللاجئين المقيمين حاليًا في المخيم حوالي 65 ألف لاجئ.
منذ سقوط نظام الأسد وحتى 19 تموز/ يوليو الحالي، عاد أكثر من 16 ألف شخص من سكان المخيم طوعًا إلى سوريا. من بين هؤلاء العائدين، عائلة الطفل علاء فاعوري، البالغ من العمر أربع سنوات، الذي نشأ في المخيم ولم يعرف مكانًا آخر غيره.
تتأهب عائلة علاء للعودة إلى مسقط رأس الأب، أشرف، في الشيخ مسكين بمحافظة درعا، جنوب سوريا، والتي غادرها قبل 13 عامًا بسبب الحرب التي أعقبت ثورة آذار/ مارس 2011. قرار العودة يعود إلى اشتياق الأب لوالديه اللذين بقيا في سوريا ويحتاجان إلى المساعدة، وهو دافع رئيسي للكثير من السوريين للعودة إلى وطنهم منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024.
مخيم الزعتري، الذي تأسس في الثامن من تموز/ يوليو 2012، كان في البداية عبارة عن خيام، ثم استبدلت بكرفانات. يعتبر المخيم واحدًا من ثلاثة مخيمات للاجئين السوريين في الأردن، بما في ذلك مخيمي الأزرق ومريجيب الفهود، المعروف أيضًا باسم المخيم الإماراتي-الأردني. استقبلت هذه المخيمات حوالي 105 آلاف شخص من أصل 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى المفوضية في الأردن حتى كانون الأول/ديسمبر الماضي.
لم يكن الزعتري الأكبر فحسب، بل كان أيضًا واحدًا من أكبر مخيمات اللاجئين في العالم، وأكبرها في منطقة الشرق الأوسط. وصل عدد اللاجئين فيه إلى ذروته بعد عام من إنشائه، حيث بلغ 120-150 ألف لاجئ سوري، قبل أن يستقر عند حوالي 80 ألف لاجئ، معظمهم من محافظة درعا، بالإضافة إلى محافظات حمص ودمشق وريفها.
يضم المخيم 25 ألف كرفان، تم وضعها في العام 2013 بديلاً من الخيام. يعتزم أشرف استئجار شاحنة لنقل أثاثه وحاجياته إلى درعا عبر معبر جابر الحدودي، حيث لا شيء عديم القيمة بالنسبة للعائدين إلى سوريا المدمرة.
رغم أن أشرف لا يمتلك بيتًا في سوريا، إلا أنه يعتزم السكن مع أهله المتضررين من الحرب، ويأمل في إيجاد عمل لاستئجار غرفة. تبلغ مساحة الكرفان الواحد حوالي 24 مترًا مربعًا، وقد صُمم لإقامة عائلة مكونة من خمسة أفراد كحد أقصى.
على الرغم من أن العودة إلى سوريا تعتبر "عودة طوعية"، إلا أنها تعني فعليًا عدم العودة مجددًا إلى المخيم. يترك أشرف خلفه في الزعتري 13 عامًا من حياته، حيث التقى بزوجته وأنجب أطفاله.
ينتظر العديد من أصدقاء العائلة في المخيم لمعرفة المزيد عن ظروف الحياة في سوريا قبل اتخاذ قرار بشأن العودة الطوعية. يعتبر الوضع الاقتصادي السبب الأهم لعودة حوالي مئة ألف لاجئ سوري إلى الأردن منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مع توقع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تضاعف هذا العدد بنهاية العام الحالي.
إلا أن الاقتتال الذي شهدته محافظة السويداء المجاورة لدرعا الشهر الماضي، والقصف الإسرائيلي المكثف الذي استهدف جنوب سوريا ودمشق، يثير المخاوف بشأن المستقبل.
مع تراجع أعداد قاطنيه وتقنين المياه، يبدو مخيم الزعتري الآن أقرب إلى الصحراء التي نشأ فيها. وكان الأردن قد أصدر قرار إغلاق مخيم مريجيب الفهود في أيار/ مايو الماضي، من خلال تخيير السكان بين العودة إلى سوريا أو الانتقال إلى مخيم الأزرق.
هذه القصة من إنتاج “ويش بوكس ميديا” بالتعاون مع برنامج قريب، الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتعاون الإعلامي (CFI)، وتموله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD).