الأربعاء, 22 أكتوبر 2025 04:41 PM

السعودية تطلق "الجسر البري": مشروع عملاق لتعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي

السعودية تطلق "الجسر البري": مشروع عملاق لتعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي

في خطوة طموحة تتماشى مع "رؤية السعودية 2030"، كشفت المملكة العربية السعودية عن تفاصيل مشروع "الجسر البري"، الذي يهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة كمحور لوجستي عالمي يربط بين آسيا وإفريقيا وأوروبا. يُعد هذا المشروع من أضخم مشاريع البنية التحتية في تاريخ المملكة الحديث، بتكلفة تقدر بنحو 26.25 مليار ريال سعودي (7 مليارات دولار).

يشرف على تنفيذ المشروع الخطوط الحديدية السعودية (سار)، ويمثل نقلة نوعية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية. يمتد "الجسر البري" على طول 1,500 كيلومتر، ويربط جدة على ساحل البحر الأحمر بالدمام على الخليج العربي، مروراً بالعاصمة الرياض، ليشكل أول ممر حديدي يربط بين البحرين داخل أراضي المملكة.

من أبرز ميزات المشروع خفض زمن الرحلة بين جدة والرياض إلى أقل من أربع ساعات، مع تخصيص خطوط منفصلة للركاب وأخرى لنقل البضائع. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء سبعة مراكز لوجستية كبرى على طول المسار، مما يعزز كفاءة الشحن ويسهل الحركة التجارية بين مختلف مناطق المملكة.

يأتي "الجسر البري" ضمن خطة المملكة لتوسيع شبكة السكك الحديدية من 5,300 كيلومتر إلى أكثر من 8,000 كيلومتر، كجزء من استراتيجية متكاملة لتطوير منظومة النقل البري وتعزيز الترابط الإقليمي بين المدن والموانئ.

يتوقع خبراء الاقتصاد أن يساهم المشروع في تحقيق عوائد اقتصادية قوية، بفضل خفض تكاليف النقل وتحسين كفاءة الخدمات اللوجستية، فضلاً عن توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما يعزز تنويع مصادر الدخل الوطني ويدعم مسيرة التحول الاقتصادي.

يتولى تنفيذ المشروع تحالف من كبريات الشركات العالمية بقيادة الخطوط الحديدية السعودية، وبمشاركة شركة الهندسة الإنشائية المدنية الصينية، إلى جانب شركات رائدة في مجالات التكنولوجيا والهندسة.

يعكس هذا التعاون المتعدد الجنسية عمق الشراكة السعودية – الصينية التي شهدت توسعاً لافتاً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً على صعيد ارتفاع الاستثمارات الصينية المباشرة في المملكة إلى 8.2 مليارات دولار عام 2024، بزيادة بلغت 29% عن العام السابق، مما يؤكد تصاعد الثقة الدولية بالاقتصاد السعودي ومشاريعه الاستراتيجية الكبرى.

يؤكد مدير مركز "رؤية" للدراسات الخبير الاقتصادي بلال شعيب لـ"النهار" أن المشروع يمثل حلماً عربياً طال انتظاره، إذ يفتح آفاقاً جديدة لربط المملكة بالبحر الأحمر ودول الجوار عبر شبكة برية متكاملة، مما يعزز حركة التجارة البينية العربية بشكل غير مسبوق.

ويضيف أن الدول الخليجية، باعتبارها من أكبر مصدري النفط، ستستفيد بشكل مباشر من هذا المشروع الحيوي الذي يساهم في تسهيل نقل السلع والخدمات، وجذب مزيد من الاستثمارات، وتعزيز التكامل الاقتصادي العربي.

ويشير إلى أن الموقع الجغرافي المتميز للمملكة يؤهلها لأن تكون محوراً لوجستياً رئيسياً في المنطقة، مما ينعكس إيجاباً على حجم التبادل التجاري بين الدول العربية، وكذلك بينها وبين الأسواق العالمية، مؤكداً أن الجسر ليس مجرد مشروع نقل، بل خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد عربي أكثر ترابطاً وتكاملاً.

ويوضح أن المشروع لا يُمثل بنية تحتية للنقل فحسب، بل هو ركيزة استراتيجية لتحفيز التنمية الإقليمية وتعزيز التكامل الاقتصادي بين موانئ المملكة ومدنها الصناعية، وفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات في مجالات الشحن والتخزين والتوزيع، بما يرسخ دور السعودية كمحور تجاري ولوجستي عالمي في قلب الشرق الأوسط.

مشاركة المقال: