الثلاثاء, 22 يوليو 2025 12:11 AM

السويداء: رحلة إلى الموت والنجاة تتحول إلى مأساة في ظل القصف والمعارك

السويداء: رحلة إلى الموت والنجاة تتحول إلى مأساة في ظل القصف والمعارك

لن ننسى ذلك اليوم المشؤوم، الاثنين الموافق 15 تموز 2025، حين خضنا ما يشبه سباقاً مع الموت على طريق وصف بأنه طريق القيامة. القذائف ورصاص القنص كانت تحاصرنا بينما كنا نبحث عن فسحة ضيقة من الأمان.

سناك سوري _ رهان حبيب

اصطحب أخي زوجته وأطفاله الثلاثة وعبر بهم الطريق من قرية “الثعلة” إلى مدينة “السويداء”. تبعناه بعد حوالي نصف ساعة، ليأتينا تحذيره بأن الطريق يشهد قنصاً مكثفاً وعلينا الإسراع قدر الإمكان لتجاوز منطقة الخطر.

طلبتُ من أمي وخالتي الانحناء إلى الأسفل حرصاً على سلامتهما، بينما مدّت أختي يدها من المقعد الخلفي ووضعت حقيبة كتفها بجانب رأسي كنوع من الحماية اليائسة. قدتُ السيارة بأقصى سرعة ممكنة على وقع أصوات القذائف التي كانت تتساقط بين جموع السيارات. في لحظة ما، انفجرت قذيفة على جانب الطريق ونجونا بأعجوبة.

النجاة.. مأساة أخرى

تعالت أصوات القذائف، وارتفعت معها مستويات الخوف وتسارعت دقات القلوب. تسارعت أنفاس أمي السبعينية ودعوات كل من كان معي طلباً للنجاة، لكن النجاة تحولت إلى مأساة أخرى.

وصلنا إلى منزل أختي في “السويداء” وبدأنا بمتابعة أخبار الواصلين من الأهل والجيران، لكن بعضهم لم يصل أبداً. فقدوا حياتهم إثر انقلاب حافلة حاولت إنقاذ من تبقى في “الثعلة” ونقلهم إلى خارجها مع اشتداد المعارك واستهداف المدنيين.

مقالات ذات صلة

  • الأحد, 20 يوليو 2025, 2:33 م
  • السبت, 19 يوليو 2025, 3:40 م

كانت الحافلة مجرد “ميكروباص” عمل لسنوات على طريق القرية. وحين أراد الخروج منها قبيل غروب يوم الاثنين، نقل معه عدداً من الأهالي، لكن شظايا القذائف المتتابعة أودت بحياة السائق وأصابت عدداً من الركاب. وفي ظل عجز فرق الإنقاذ عن الوصول إلى موقع الحادثة، فارق المصابون الحياة.

أخبرنا أحد الشبان أن من بين الركاب من حاول الزحف مسافة طويلة للوصول إلى من يسعفه، لكن دون جدوى. تناثرت جثامين الركاب على الطريق وكانت أول ما وجدته مجموعة شبان توجهوا إلى القرية للاطمئنان على المنازل ومن بقي من أهلها لحماية منزله.

تحولت النجاة إلى مأساة في ظل توارد أخبار الموت، الأهل والأصدقاء والجيران والمعارف. كل عائلة تبكي ضحاياها بعد أسبوع دموي حفر آثاره في تاريخ المدينة كذكرى طويلة الأمد، بينما عجز كثيرون عن دفن أقاربهم تحت وطأة المعارك، وتعرّف البعض على جثامين أحبائهم بصعوبة. ساد الموت والألم في كل شيء حولنا وأصبحت “السويداء” مأتم عزاء كبير.

الوسوم

مشاركة المقال: