السبت, 22 نوفمبر 2025 12:18 PM

الشعوذة بين الشريعة والقانون: نظرة على التشريعات العربية والعقوبات

الشعوذة بين الشريعة والقانون: نظرة على التشريعات العربية والعقوبات

شبكة أخبار سوريا والعالم/ الحسكة – المحامية بشرى حمرات

الحمد لله الذي أحل اليقين من الإيمان محل الروح من الجسد وأعطى الموقنين الإمامة في الدين فلا يدفعها عنهم أحد. الحمد لله الذي حقق بالقين العجائب وهون المصائب.

عندما تتوالى الهزائم على الأمم، وتنزل بها النكبات، وتتفرق بها السبل، ويعمها الجهل، وتخنقها طرائق المعاش، فإنها تلجأ إلى متاهة الخرافات والشعوذة والدجل، ملتمسة العلاج لأمراضها، والحلول لمشاكلها، والمخارج من حيرتها. وعند ذلك ينشط في أوساطها الدجاجلة والسحرة والمشعوذون والكهنة والعرافون.

هكذا يقص علينا الله ما جرى على بني إسرائيل بعد انقضاء الفترة الزاهرة من تاريخهم، فترة حكم سليمان وداوود عليهما السلام، حيث استهوتهم الشياطين وزعمت أن سليمان كان ساحراً وأنه كان يسخر جنده من الإنس والجن والطير لتحرفهم عن دين سليمان وشرع الله إلى السحر واتباع الشياطين، فأكذبهم الله تعالى في ذلك حيث قال: < واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر>.

وهذه الأمة حينما ضعفت وتراجعت وأصبحت منهزمة مغزوة بعد أن كانت غالبة غازية كثر فيه السحر والدجل والشعوذة والتنجيم وصار ذلك عمدتهم وملجأهم.

وفي عصرنا الحالي، عادت موجة السحر والدجل والشعوذة والخرافة إلى الظهور والسيطرة على عقول الناس والتحكم في مجريات حياتهم.

فقد صدرت دراسة عن أحد مراكز البحوث المصرية كشفت عن نتائج خطيرة فيما يتعلق بانتشار السحر والشعوذة والدجل في البلاد العربية والإسلامية، حيث أكدت الدراسة أن العرب ينفقون على السحر وحده حوالي خمسة مليارات دولار سنوياً وأن هناك دجالاً لكل عربي هذا بشكل عام.

وإن معظم القوانين الوضعية في العالم العربي خاصة لم تعرف السحر والشعوذة والبعض صنفها ضمن الأفعال والمخالفات الشرعية القولية والفعلية ولا تتضمن عقوبات زجرية محددة وواضحة ضد ممارسيها أو ضد من يتوارد على عياداتهم التي تعمل غالباً بطرق سرية.

فالمملكة العربية السعودية يبدو أن قوانينها الجنائية لا يوجد فيها ما يعاقب مرتكب جريمة الشعوذة والسحر ولكن السلطات الدينية قد تتدخل في بعض الأحيان وتقوم بحملات تمشيط للمشعوذين والكهنة والسحرة بتهمة خروجهم عن القانون ومخالفتم للشريعة ويمكن أن تصل العقوبة إلى إعدام الساحر.

ويصنف القانون المصري والعراقي التعاطي للشعوذة والسحروالكهانة ضمن جرائم النصب والإحتيال حيث تتراوح مدة العقوبة ممارسها بمصر بالحبس مدة سنة إلى سنتين وأما في العراق فالعقوبة هي أشد قد تصل إلى خمس سنوات.

القانون الجزائري لم يرد فيه أي نص صريح لجرم الشعوذة والسحر وقد تم إدراج ذلك ضمن الجرائم التي قد تترتب عنها كالاحتيال والقتل والسرقة.

القانون الجنائي المغربي أيضاً لا يتضمن أية عقوبة من أي نوع ضد من يمارس أعمال الشعوذة والسحر لكنه نص في الفقرة 35 من افصل 609 على عقاب من احترف التكهن والتنبؤ بالغيب أو تفسير الأحلام بغرامة تتراوح 10 أو12 درهم ويعتبر هذا الفعل مخالفة فقط من الدرجة الثالثة.

أما القوانين الغربية تحاول الان تقنين المهنة وقبولها وتعمل على تشجيع الدجالين والعرافين والمنجمين خاصة في جمعيات مهنية معترف بها لكن شريطة ألا تضر بالمواطنين ويتحمل أصحابها كامل المسؤولية أمام القانون.

ويبقى السؤال كيف عاقب القانون السوري هذه الأفعال…..؟

جريمة الشعوذة في القانون السوري معاقب عليها بأحكام المادة 754 :

1 يعاقب بالحبس التكديري وبالغرامة من خمس وعشرين إلى مائة ليرة سورية من يتعاطى بقصد الربح مناجاة الأرواح و التنويم المغناطيسي والتنجيم وقراءة الكف وقراءة ورق اللعب وكل ما له علاقة بعلم الغيب وتصادر الألبسة والعدد المستعملة .

2 يعاقب المكرر بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة حتى مائة ليرة ويمكن إبعاده إذا كان أجنبياً.

وترك المشرع للقاضي سلطة تقديرية ما إذا كان الفعل يعتبر جريمة شعوذة ام لا…

مشاركة المقال: