لا يزال الطنبر، تلك العربة الخشبية التي تجرها الخيول، حاضراً بقوة في مدينة الرقة، كأحد أبرز وسائل النقل التقليدية التي تؤدي دوراً حيوياً رغم التحديات الكبيرة التي تواجه البنية التحتية وتراجع خدمات النقل الحديثة.
على الرغم من أن هذه الوسيلة قد اختفت تقريباً من معظم المدن السورية، إلا أنها لا تزال منتشرة في أحياء شعبية مثل الدرعية والرميلة، بالإضافة إلى أسواق نشطة مثل سوق الحديد وسوق الهال، حيث يعتمد عليها السكان بشكل كبير في التنقل ونقل مختلف البضائع.
يقول يوسف السفراني، من سكان حي الدرعية، في حديث لـ سوريا 24، إن الاعتماد على الطنبر لم يعد مجرد خيار للحفاظ على التراث، بل أصبح ضرورة اقتصادية ملحة. ويضيف: "تكاليف صيانة السيارات أصبحت باهظة للغاية، كما أن شوارع الحارات الشعبية ضيقة ومليئة بالحفر، مما يجعل الطنبر الوسيلة الأكثر عملية. نستخدمه أيضاً لنقل مواد البناء والبضائع، وهو يوفر مصدر دخل ثابت للعديد من الأسر."
من جهته، أوضح كريم، وهو أحد العاملين في سوق الحديد، لـ سوريا 24 أن الطنبر يمثل عنصراً أساسياً في الدورة الاقتصادية اليومية للمدينة. ويقول: "العديد من الأحياء في الرقة لا تسمح حالتها بدخول سيارات النقل الكبيرة، ولهذا يعتمد التجار على الطنبر لإيصال السلع إلى الأسواق. بدونه، ستتعطل أعمال الكثير من المحال التجارية."
وفي حي الرميلة، أكد فهد المحمد في تصريح لـ سوريا 24 أن الطنبر ما يزال حاضراً بقوة داخل الأسواق الشعبية، مضيفاً: "تعرفنا على الطنبر منذ زمن طويل، وما زلنا نعتمد عليه لأن المدينة لا تزال في مرحلة ترميم. الشوارع المتضررة لا تتحمل وزن السيارات الحديثة، بينما يستطيع الطنبر العمل في مختلف الظروف."
يشير عدد من أهالي الرقة إلى أن استمرار استخدام الطنبر يعود إلى عدة أسباب، من أبرزها ضعف البنية التحتية، وارتفاع تكاليف الوقود والصيانة، والحاجة إلى وسائل نقل صغيرة ومرنة داخل الأحياء القديمة. كما أصبح الطنبر جزءاً من اقتصاد العمل اليومي في المدينة، إذ تعتمد عليه بعض العائلات كمصدر رزق أساسي.
ورغم أن الطنبر يبدو وسيلة قديمة، فإن دوره في الرقة اليوم يعكس قدرة السكان على التكيف مع الظروف الصعبة وابتكار حلول بديلة تتناسب مع واقعهم الخدمي المتراجع.
ومع ذلك، يؤكد الأهالي لـ سوريا 24 الحاجة الملحة إلى تحسين شبكة الطرق وتطوير وسائل النقل، بما يسهل حياة السكان ويخفف الأعباء اليومية عنهم.
وهكذا يستمر الطنبر، رغم بساطته، رمزاً للصمود ومكوناً من مكونات التراث الشعبي الذي ما يزال يجد مكاناً له في الحياة اليومية لسكان الرقة.