الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 09:12 PM

بخعة "الصرخة": قرية منكوبة في القلمون تتشبث بالأمل رغم الدمار وغياب الدعم

بخعة "الصرخة": قرية منكوبة في القلمون تتشبث بالأمل رغم الدمار وغياب الدعم

تحولت قرية بخعة، المعروفة باسم "الصرخة"، في منطقة القلمون بريف دمشق إلى خراب شبه كامل بعد تدميرها على يد نظام الأسد، لتصبح منطقة مهجورة لسنوات. ورغم عودة بعض الأهالي بعد عام 2021، إلا أن القرية ما زالت تعاني من نقص حاد في أساسيات الحياة، مع غياب تام للدعم الرسمي أو الإنساني لإعادة بنائها أو ترميم ما تبقى من منازلها.

في حديث خاص، وصف نصوح، رئيس المجلس المحلي في بخعة، حجم الدمار قائلاً إن السبب الرئيسي هو مقاومة القرية للنظام في بداية الثورة، حيث استمرت المعركة لأكثر من 33 يوماً قبل سيطرة النظام عليها وبدء عملية تدمير ممنهجة. وأضاف أن "النظام فجر البيوت عمداً، إما بزرع المتفجرات داخل المنازل وتفجيرها عن بعد، أو بوضع مادة TNT حول الجدران لتدمير البناء بالكامل، ما أدى إلى تدمير حوالي 99% من منازل القرية".

وأشار إلى أن عدد سكان القرية قبل الثورة كان يقارب 7 آلاف نسمة، ولكن بعد اقتحامها عام 2014، مُنع الأهالي من العودة حتى عام 2021، مما أدى إلى هجرة السكان إلى لبنان وأوروبا والقرى المجاورة. وخلال تلك الفترة، تعرضت ممتلكات القرية للنهب بشكل كامل، حيث نُهبت المدارس والمساجد والمستوصف وأعمدة الكهرباء والكابلات، وحتى الأشجار لم تسلم من القطع.

بعد عام 2021، سُمح لبعض العائلات بالعودة، خاصة لدفن موتاهم، حيث ظل العديد من أهالي القرية يدفنون ذويهم في البراري لسنوات. واليوم، يعيش في بخعة ما بين 160 و 180 عائلة فقط، بعضهم يقيم في منازل رمموها بإمكاناتهم المحدودة، فيما اضطر آخرون إلى نصب خيام على أطراف البلدة.

ويروي عبدالله البخعاني، أحد العائدين، مأساته قائلاً: "منزلي الذي بنيته بعرق السنين لم يعد سوى كومة من الحجارة. القرية التي كانت عامرة بالحياة والزراعة والعمل، صارت خراباً يمتد على مدّ النظر".

ويؤكد نصوح أن الأهالي يعتمدون حالياً على أعمال يدوية وزراعية بسيطة، أو على العمل المياوم في دمشق، في ظل فقر مدقع وغياب شبه كامل للدعم. ويشير إلى أن المجلس المحلي قام بتركيب حوالي 40 نقطة إنارة على حسابه الخاص، بينما لم تقدم أي جهة رسمية أو إنسانية حتى "ليتر مازوت واحد" لدعم المدرسة أو البلدية.

ويختم رئيس المجلس المحلي بالقول: "رغم زيارات وفود حكومية ومنظمات عديدة، لم نتلقَ أي استجابة فعلية حتى الآن. بخعة ما زالت قرية منكوبة تحتاج إلى لفتة إنسانية عاجلة تعيد إليها شيئاً من الحياة التي سُلبت منها".

بخعة.. قرية ضاربة في التاريخ تقع في قلب منطقة القلمون، وتتميز بطبيعتها الجبلية الخصبة، وهي إحدى القرى القلمونية الثلاث التي يتحدث سكانها اللغة السريانية (الآرامية الغربية)، لغة السيد المسيح في هذه المنطقة من سوريا. ولها أهمية تاريخية تشهد عليها الآثار والكهوف المنتشرة في القرية ومحيطها، بالإضافة إلى المعالم الآرامية والبيزنطية والرومانية.

مشاركة المقال: