الثلاثاء, 25 نوفمبر 2025 05:43 PM

بعد اغتيال الطبطبائي: إسرائيل ترفع سقف التهديدات وتغير عقيدتها الأمنية تجاه حزب الله

بعد اغتيال الطبطبائي: إسرائيل ترفع سقف التهديدات وتغير عقيدتها الأمنية تجاه حزب الله

يعيش قادة العدو حالة من النشوة بعد نجاحهم في توجيه ضربة قوية إلى حزب الله، معتبرين أنهم قادرون على فعل المزيد ما لم توافق الحكومة اللبنانية على نزع سلاح الحزب، ولو بالقوة. وتنتشر في الكيان تقارير وتحليلات حول عملية اغتيال «أبو علي الطبطبائي»، مؤكدة استعداد إسرائيل لجولة جديدة من التصعيد.

وترافق العمليات العسكرية حرب نفسية مكثفة، حيث يتم تجنيد المراسلين والصحافيين ومراكز المعلومات للمعركة، تحت عنوان «حان وقت جز العشب من جديد!». وقد نشر مركز «علما» قائمة بأسماء شخصيات سياسية وعسكرية وأمنية يعتبرها قيادة حزب الله، معتبراً أنهم أهداف للتصفية، مع صورة للشهيد الطبطبائي.

وتتحدث مصادر العدو عما تسميه «مرحلة استعادة حزب الله لقدرات قتالية كبيرة خسرها في الحرب الماضية»، وهي سردية جديدة تراجعت فيها الإشارة إلى إنجازات الحرب الماضية، وظهرت فجأة تقارير عن قدرات الحزب. وتهتم الصحافة الإسرائيلية بمواقف قادة المستوطنات الشمالية، وتبث تقارير تشير إلى بطء عملية إعادة الإعمار، مع التركيز على مطالبة المستوطنين لإسرائيل بالإسراع في تدمير حزب الله بصورة كاملة لتحقيق هدوء مستدام.

يواصل جيش الاحتلال عملياته العسكرية في لبنان، مستهدفاً من يعتبرهم عناصر في «ورشة الترميم»، ويرفع السقف باتجاه ضرب «عناصر غير عسكرية لكنها تقوم بأعمال تخدم الجهات العسكرية في حزب الله»، في بداية لمسلسل ضرب عناصر وكوادر مدنية تعمل في البلديات والإعمار، مع مواصلة الضغط لمنع عودة أبناء القرى الحدودية إلى منازلهم، وتعطيل عمليات الترميم الجزئي هناك، ووضع شروط هائلة على كل عمل يقوم به جهاز تابع لوزارة رسمية في لبنان، مع طلب تفاصيل دقيقة مملة لكل عملية رفع أنقاض، أو إصلاح للكهرباء والمياه، والإصرار على أن العمل في الحقول يحتاج إلى إذن مسبق يتم طلبه عبر لجنة «الميكانيزم» التي تشرف الولايات المتحدة الأميركية على إدارتها.

يخوض رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو معركته الخاصة، ويسعى لإبقاء جمهور الكيان في حالة تفهم لما يقوم به. ويواصل إعلام العدو والخبراء الحديث عن قدرات المقاومة، وتعزيز سردية تبرر العدوان وفق مبدأ جديد يقوم على «الأمن بالمنع»، مع التركيز على النجاحات في لبنان وغزة وسوريا، ورفض التنسيق مع الأميركيين بشأن سوريا.

وتحاول إسرائيل شرح موقفها الحالي عبر وسائل الإعلام، باستخدام أسماء كبيرة من عالم الاستخبارات والجيش والصحافة، لإيصال رسائل إلى «المعنيين في الجهة المقابلة». وقد قال عاموس يدلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، إن عملية الاغتيال هي «رسالة إلى حزب الله أن انتبهوا، فقد وصلنا إلى الرجل المسؤول عن التعاظم وعن بناء القوة والأقرب إلى القيادة الإيرانية»، و«رسالة إلى اللبنانيين وحكومتهم». وأكد يدلين أن العملية تحمل رسالة إلى كل أعداء إسرائيل بأن العقيدة الأمنية قد تغيرت، وأنهم لن يسمحوا ببناء قوة لجيش إرهابي على حدودهم.

ويرى تامير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، أن الاغتيال «إحباط لتهديد استراتيجي ناشئ»، وإشارة حادّة إلى الحكومة اللبنانية بأنه إذا لم تفكك حزب الله من سلاحه، ستواصل إسرائيل التصعيد. ويجزم بأن الولايات المتحدة تفهم خلفية ما تفكر به إسرائيل، ولذلك باركت العملية بعد وقوعها.

ويقول هايمان إن احتمالية الحرب قائمة، وإنه رغم تدمير إسرائيل للكثير من منظومات الحزب الاستراتيجية وإحباط قدرته على اقتحام الجليل، فإن الأمر لم يحسم، وما يزال لدى حزب الله صواريخ وقذائف وطائرات مسيّرة قادرة على إصابة الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ويضيف أن مجرد النقاش حول رد حزب الله وحجمه، يجسد الوضع الجديد في الشمال بعد الحرب، وأن رد إسرائيل على أي رد من حزب الله سيكون بمستويات أكبر بكثير وغير متناسبة.

ويرى الصحافي رون بن يشاري أن الاغتيال سببه تزايد وتيرة جهود الحزب لإعادة بناء القدرات، وهو ما يثير قلقاً في إسرائيل، ويتعارض مع مبدأ «المنع» الذي يعني أن إسرائيل لن تسمح لأعداء يشكلون تهديداً عملياً وملموساً على دولة إسرائيل، بأن يتعاظموا ويستعدّوا لاختراق أراضيها. ويضيف أن استهداف الطبطبائي كان جزءاً من الجهد لاقتطاع قوته العسكرية بشكل منهجي، وضرب سلسلة القيادة لديه.

مشاركة المقال: