شهد سعر صرف الليرة السورية في السوق الموازي ارتفاعاً طفيفاً، حيث أُغلق أمس على سعر 10,750 ليرة للدولار الواحد. يثير هذا الارتفاع تساؤلات حول ما إذا كان مجرد ارتفاع مؤقت أم بداية لموجة جديدة من الارتفاعات.
الدكتور عبد الرحمن محمد، نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، يرجع الزيادة الأخيرة في سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية بنسبة 2 بالمئة إلى عوامل اقتصادية داخلية بشكل أساسي. ويشير إلى أن من أبرز هذه العوامل قبض رواتب غالبية موظفي القطاع العام بعد الزيادة التي بلغت 200 بالمئة، بالإضافة إلى العجز المالي المتزايد، وتراجع الاحتياطات الأجنبية، وضعف السياسات النقدية، وتدهور الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن دور العرض والطلب والمضاربات في سوق الصرف.
وفي حديثه لصحيفة "الوطن"، أوضح الدكتور محمد أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى فقدان الثقة بالليرة وزيادة الطلب على الدولار، مما انعكس بشكل مباشر على سعر الصرف في السوق المحلية. وأكد أن معالجة هذا الارتفاع تتطلب إصلاحات اقتصادية جذرية، وتعزيز الاحتياطات الأجنبية، وضبط السياسات النقدية، واستعادة الثقة في الاقتصاد الوطني.
وفيما يتعلق بتأثير العوامل الدولية والجيوسياسية، أكد الدكتور محمد أنها تلعب دوراً محورياً، حيث أن العقوبات الاقتصادية، والتوترات السياسية، وضعف الإنتاج المحلي، والمضاربات في الأسواق الموازية، كلها تسهم في تقلبات سعر الصرف، وهو ما أدى إلى تجاوز سعر الدولار اليوم 10,700 ليرة سورية.
ويرى الدكتور محمد أن تحقيق استقرار حقيقي يتطلب معالجة هذه العوامل من خلال إصلاحات اقتصادية شاملة، والاستفادة من تحسين العلاقات الدولية، وتخفيف العقوبات الذي شهدناه مؤخراً.
السيناريوهات المستقبلية:
السيناريو الإيجابي (تحسُّن محدود):
العوامل الداعمة: تدفق الأموال إلى سوريا نتيجة تخفيف العقوبات أو إعادة دمجها في النظام المالي العالمي (مثل نظام SWIFT)، وزيادة الاستثمارات الأجنبية أو المساعدات الدولية، وتحسين السياسات النقدية، مثل تقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسوق السوداء.
التوقعات: استقرار سعر الصرف في نطاق 10,000-12,000 ليرة مقابل الدولار، مع تحسُّن طفيف في القدرة الشرائية.
السيناريو السلبي (استمرار التدهور):
العوامل المؤثرة: استمرار العقوبات الاقتصادية وتجميد الأصول السورية في الخارج، وغياب الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية، واستمرار الاعتماد على السوق السوداء، وتصاعد التوترات السياسية أو العسكرية.
التوقعات: استمرار انخفاض قيمة الليرة، مع تجاوز سعر الصرف 15,000 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء.
السيناريو الوسطي (استقرار هش):
العوامل المؤثرة: تدخُّل البنك المركزي بشكل محدود لدعم العملة عبر احتياطيات العملات الأجنبية، وتحسن طفيف في الأوضاع الاقتصادية نتيجة رفع جزئي للعقوبات أو زيادة التحويلات الخارجية.
التوقعات: استقرار مؤقت في سعر الصرف ضمن نطاق 12,000-13,500 ليرة، مع تقلّبات مستمرة بسبب المضاربات.
العوامل الحاسمة للتوقعات تكمن في السياسات النقدية وقدرة البنك المركزي على إدارة السيولة وتقليل المضاربات، بالإضافة إلى الوضع السياسي وتأثيره على تدفق الاستثمارات والمساعدات، ودور العقوبات الدولية وتأثير رفعها أو تخفيفها على استقرار العملة.
وختم الدكتور محمد حديثه بالإشارة إلى أنه من غير المتوقع أن تعود الليرة السورية إلى مستوياتها السابقة، ولكن يمكن أن تشهد استقراراً نسبيّاً في حال تحسُّن الظروف الاقتصادية والسياسية. ويبقى السيناريو الأكثر ترجيحاً هو استمرار التدهور التدريجي بسبب غياب الإصلاحات الهيكلية واستمرار الأزمات الداخلية والخارجية.
الوطن – محمد راكان مصطفى