عنب بلدي – تل أبيض
يشكو سكان بلدتي سلوك وتل أبيض شمالي محافظة الرقة من رداءة الخبز المنتج في الأفران الآلية التابعة للمؤسسات الرسمية، مع غياب الرقابة وضعف الالتزام بالمعايير الأساسية في صناعة الرغيف.
وأبدى أهالٍ استياءهم من رداءة الخبز الذي توزعه هذه الأفران، إذ يتفتت سريعًا ولا يبقى صالحًا للاستهلاك بعد ساعات قليلة من إنتاجه، فضلًا عن التغيّر الواضح في طعمه ورائحته، ما يدفع بعضهم إلى تسخينه أو تحميصه لتجنّب رميه.
تراجع في الجودة
تراجعت جودة الخبز خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث لاحظ الأهالي في كثير من الأحيان عدم خبزه بشكل كامل وسليم، كما شكا بعضهم من وجود رائحة غير مرغوبة تشبه رائحة المحروقات أحيانًا.
محمد عدنان (45 عامًا)، من بلدة سلوك، أعرب عن استيائه من تراجع جودة الخبز، قائلًا إن الخبز المتوفر تغّير خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وصار سيئًا من حيث الطعم والشكل، ويضطر السكان إلى شرائه بحكم الحاجة، رغم أنه لا يصلح غالبًا للتناول دون تحميص أو تعديل.
وأضاف لعنب بلدي أن الرغيف غالبًا ما يكون محروق الأطراف أو غير ناضج من الداخل، ما يدفع الأهالي إلى تقطيعه وتحميصه، وفي بعض الحالات يُرمى بالكامل.
وعزا محمد ذلك إلى سوء الرقابة على الأفران ونوعية الطحين، لافتًا إلى أن الأهالي باتوا يفكرون بالعودة إلى الخَبز المنزلي رغم صعوبته وارتفاع تكاليفه.
مندوب للخبز في بلدة سلوك، أكد لعنب بلدي تراجع جودة الخبز منذ نحو ثلاثة أشهر، الأمر الذي أثار استياء السكان وقلّل من إقبالهم على تسلم مخصصاتهم اليومية.
وأوضح المندوب الذي فضل عدم نشر اسمه، أن بعض الأهالي توقفوا عن تسلم الخبز بمجرد رؤيتهم سوء الجودة، ولجأ بعضهم إلى إعداد الخبز في المنازل باستخدام الصاج أو التنور.
وأضاف أنه كمندوب تكبّد خسائر مالية نتيجة بقاء كميات من الخبز دون تصريف، ما اضطره إلى تقليص الكميات التي يشتريها من الفرن لتجنب مزيد من الخسائر.
وأشار إلى أن شكاوى السكان تمت إحالتها إلى مديرية التموين والفرن الآلي، حيث لوحظ تحسن تدريجي وبطيء، مطالبًا الجهات المعنية بالتدخل الفوري والعاجل لحل المشكلة بشكل جذري.
أما في مدينة تل أبيض، فلا يختلف الحال كثيرًا، إذ اشتكى حارث الحسون من رداءة الخبز، ووصف الرغيف بأنه هش وسريع الجفاف.
وأوضح أن الخبز يتكسر بمجرد لمسه، ولا يحتفظ بقوامه لأكثر من ساعتين ما يجعله غير صالح لأن يكون وجبة أساسية كما كان سابقًا.
هذا التراجع في الجودة، بحسب رأيه، لا يتعلق فقط بالأفران، بل بمنظومة الرقابة على الطحين والمخابز، والتي باتت غائبة تمامًا عن المشهد.
وطالب حارث بضرورة التدخل الفوري لتحسين جودة الخبز، معتبرًا أن كرامة الناس تبدأ من رغيف محترم يصلهم بشكل جيد ويحافظ على صحتهم.
أربعة أفران
تعتمد بلدة سلوك ومدينة تل أبيض على أربعة أفران تابعة للمجلس المحلي، ثلاثة منها في مدينة تل أبيض وواحد في بلدة سلوك، وتتولى هذه الأفران تأمين الخبز المدعوم للسكان.
يبلغ سعر الربطة 15 ليرة تركية تتضمن 25 رغيفًا، وهو سعر يُعدّ أقل من نظيره في مدينة رأس العين المجاورة، حيث تُباع الربطة المؤلفة من 20 رغيفًا بسعر 16 ليرة تركية.
وتتكرر أزمات نقص الخبز في مدينة تل أبيض وبلدة سلوك بشكل دوري، نتيجة انخفاض كميات الطحين المقدمة من قبل منظمة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد/AFAD)، مما يؤدي إلى أزمات متلاحقة تؤثر على حياة السكان.
يبلغ عدد سكان مدينة تل أبيض 138465 شخصًا، ويعيش غالبيتهم أوضاعًا مادية صعبة بسبب قلة فرص العمل، ويعتمد أغلب السكان على الزراعة والثروة الحيوانية.
متابعة شكاوى السكان
مدير مكتب الإعلام في المجلس المحلي بتل أبيض، متعب حسين، قال لعنب بلدي، إن جودة الخبز المنتج من الأفران الآلية الأربعة في المدينة تعتبر مقبولة نسبيًا، مع حدوث أعطال أحيانًا تؤثر على الكمية والجودة، ويتم التعامل معها سريعًا لتفادي أي تأثير سلبي.
وذكر أن كمية الخبز الموزعة ترتبط بشكل مباشر بتوفر مادة الطحين، وعندما تقل كميات الطحين الموردة إلى تل أبيض، تنخفض بالتالي كميات الخبز الموزعة على سكان مدينة تل أبيض وبلدة سلوك، ومن المأمول أن تُحل هذه المشكلة مستقبلًا بالتنسيق مع الحكومة السورية، وفق قوله.
وأضاف أن عملية التوزيع تتم عبر مندوبين معتمدين من مديرية الأفران والتموين، الذين يتابعون شكاوى الأهالي بشكل مباشر، وفي حال عدم حلّها تُحال إلى مكتب التموين المختص.
أما الخبز غير المطابق للمواصفات، فيُعاد إلى الفرن لاستبداله فورًا، وفق قوله.
وأشار إلى أن مديرية الأفران تعمل باستمرار على تحسين جودة الخبز وضمان استمرارية الإنتاج، من خلال تشغيل أكثر من أربعة أفران آلية، بعضها يعمل بشكل دائم وبعضها يُفعل كخطة احتياطية، مع متابعة مستمرة من مكتب التموين والمندوبين، وتوفير قنوات تواصل مفتوحة مع الأهالي لتلقي الملاحظات والشكاوى.
ويعتمد سكان مدينة تل أبيض وريفها بشكل رئيس على قطاع الزراعة كمصدر للعيش، وتعد الليرة السورية العملة الأساسية المتداولة في المنطقة، لكن الواقع الاقتصادي المضطرب والحصار أرهق الأهالي، ما جعل تأمين احتياجاتهم اليومية أمرًا بالغ الصعوبة.