الجمعة, 3 أكتوبر 2025 10:03 PM

تل الأشعري بدرعا: رحلة عبر الزمن من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحديث

تل الأشعري بدرعا: رحلة عبر الزمن من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحديث

يروي تل الأشعري في درعا قصة مدينة ضاربة في القدم، نشأت في جنوب سوريا. تشير الاكتشافات الأثرية في التل إلى وجود مستوطنة بشرية تعود لأكثر من عشرة آلاف عام.

الدكتور محمد خير نصر الله، رئيس دائرة آثار درعا، أوضح لصحيفة الحرية أن تل الأشعري يمتد على مساحة 400 متر من الشمال إلى الجنوب، و 200 متر من الغرب إلى الشرق، ويبلغ ارتفاعه حوالي 25 متراً. وقد عُثر في الجهتين الغربية والجنوبية من التل على آثار من العصور الحجرية، مثل القواطع والنصال ورؤوس السهام والمقاشط المصنوعة من حجر الصوان، الذي يُعد من أقدم المواد التي استخدمها الإنسان.

في عام 1998، قام فريق من دائرة آثار درعا بمسح للمنطقة، وكشفت النتائج عن معلومات مهمة حول تاريخ المنطقة وعصور ما قبل التاريخ في جنوب سوريا. وأشار الدكتور نصر الله إلى وجود مغارات في الجانب الغربي من التل، تدل أيضاً على وجود مستوطنة بشرية قديمة تعود إلى أكثر من 10 آلاف عام على الأقل. كما توجد آثار تعود إلى فترات فجر التاريخ والعصر البرونزي، مثل التحصينات والأسوار المحيطة بالتل، خاصة في الزاوية الجنوبية الغربية، والتي تتشابه مع تلك الموجودة في مدن وممالك معروفة مثل مملكة إيبلا (تل مرديخ).

وأضاف رئيس الدائرة أنه عُثر على نماذج فخارية متناثرة في أجزاء مختلفة من التل تعود إلى العصر البرونزي. وفي العصر الحديدي، الذي بدأ في عام 1200 قبل الميلاد، يبدو أن المدينة كانت ذات أهمية كبيرة، وذلك بفضل الأسوار الضخمة التي لا تزال قائمة حتى الآن، والتي كانت تشكل خطاً دفاعياً عن المدينة. وتتطابق هذه الفترة مع الحضارة الآرامية.

كما لفت إلى وجود حضارة عربية مهمة في أواخر الألف الأول قبل الميلاد، حيث تشير الوثائق التاريخية إلى أن المدينة كانت تحمل اسم ديا أو ديون (DION)، وباللفظ الروماني ديابوليس، وقد ذُكرت بهذا الاسم لأول مرة في سياق الحديث عن حروب القائد اسكندر ياناوس مع العرب الأنباط، في الفترة 76-103 قبل الميلاد، وكانت جزءاً من حلف المدن العشر الديكابوليس. استمرت الحياة في المدينة بعد ذلك، وتشهد على ذلك الأبنية السكنية والإدارية التي تعود إلى مختلف الفترات الإسلامية، مثل الحمامات والأفران والمقابر، بالإضافة إلى النماذج الفخارية الأيوبية والسلجوقية والمملوكية والعثمانية، وصولاً إلى منتصف القرن العشرين.

تؤكد هذه المعطيات أن مدينة الأشعري هي واحدة من أهم المناطق في سوريا، حيث لم تنقطع فيها الحياة، وذلك لخصوبة المنطقة ووفرة المياه فيها، وجمال تفاصيلها، وتحصيناتها الدفاعية الطبيعية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: