الثلاثاء, 29 أبريل 2025 09:02 PM

جرمانا تشتعل: قتلى وجرحى في اشتباكات على خلفية تسجيل صوتي مسيء

جرمانا تشتعل: قتلى وجرحى في اشتباكات على خلفية تسجيل صوتي مسيء

شهدت مدينة جرمانا بريف دمشق توتراً أمنياً أدى إلى سقوط ضحايا وجرحى، على خلفية انتشار مقطع صوتي مسيء للنبي محمد قبل أيام، منسوب لأحد الأشخاص المنحدرين من مدينة السويداء، بالتزامن مع موجة تحريض كبيرة عبر الفيسبوك.

وقالت مصادر أهلية في المدينة، إن ما وصفته بالحركة غير الطبيعية بدأت بحلول الساعة الـ11، واستمر الوضع كذلك حتى الساعة الـ1 ليلاً لتبدأ أصوات رصاص متقطعة بالقرب من بساتين جرمانا القريبة على منطقة المليحة، ما أدى إلى حركة نزوح كبيرة من العوائل إلى داخل جرمانا وقسم كبير بات ليلته لدى أقارب.

في غضون ذلك وبحلول الثانية ليلاً اشتدت أصوات الرصاص فيما بدا وكأنه اشتباك مسلح من جهة حي النسيم، استمر قرابة الساعة، توقف بعد تدخل قوات الأمن العام لفضه، ليعود مجدداً بوتيرة أقوى عند الساعة الخامسة فجراً ليتوقف لاحقاً، وتُسمع أصوات ضرب قوية يرجح أنها قواذف أر بي جي.

لحظة تواصل سناك سوري مع المصادر المحلية عند العاشرة صباحاً، كان الهدوء الحذر يعم المدينة، بينما أغلقت كل المدارس فيها وفق المصادر، وتوقفت حركة النقل بالكامل، بينما تبدو الشوارع فارغة كما توضح صور مرسلة لـ"سناك سوري" تم التقاطها بالقرب من مدرسة "زاهي لطفي".

وأضافت المصادر لـ"سناك سوري"، أنه بحسب المعلومات فإن قوات الأمن فرضت طوقاً على مدينة جرمانا لحماية الأهالي ومنع الاشتباكات مجدداً، والتي يرجح أنها من فصائل غير منضبطة.

ضحايا ومصابين

أدت التوترات الأمنية إلى سقوط 5 ضحايا من جرمانا وإصابة 12 آخرين بحصيلة أولية وفق شبكة السويداء 24، إضافة إلى ضحايا بين القوات المهاجمة لم يعرف عددهم.

وذكرت الشبكة أن مدينة جرمانا تعرضت لإطلاق نار كثيف من قبل جماعات مسلحة تجمعت في بعض النقاط المحيطة بالمدينة، واعتدت على الأحياء السكنية بإطلاق النار من أسلحة خفيفة ومتوسطة، بالتزامن مع تداول فيديوهات تفيد بتوجه أرتال عسكرية نحو المدينة يرددون هتافات طائفية.

وإلى أشرفية صحنايا التي عاشت توتراً مشابهاً لكن بوتيرة أقل حدة ليل أمس، ونقلت الشبكة عن مصدر داخل لمدينة لم تذكر اسمه، قوله إن مجموعة مسلحة هاجمت حاجزاً مشتركاً لعناصر الأمن العام والفصائل المحلية عند مدخل المدينة، ما أدى لإصابة 4 من عناصر الحاجز الذين ردّوا على مصادر إطلاق النيران.

الداخلية تحذر من "التصرفات الفردية"

في غضون ذلك أصدرت وزارة الداخلية السورية في وقت متأخر من مساء أمس الإثنين، بيان أكدت فيه أنها باشرت تحقيقات مكثفة عبر الجهات المختصة لتحديد هوية المتورطين بالإساءة لمقام النبي، وأوضحت الوزارة أن التحقيقات الأولية بيّنت عدم ثبوت نسبة التسجيل المتداول إلى الشخص الذي وُجهت له أصابع الاتهام، مشيرةً إلى أن العمل لا يزال جارياً لتحديد صاحب الصوت، تمهيداً لتقديمه إلى العدالة ونيل العقوبة المستحقة وفق الأنظمة والقوانين.

ودعت المواطنين إلى الالتزام بالنظام العام وعدم الانجرار إلى أي تصرفات فردية أو جماعية قد تخلّ بالأمن أو تمس الأرواح والممتلكات، مشددة على أن الدولة مستمرة بأداء دورها الكامل في حماية المقدسات ومحاسبة المسيئين بكل حزم ومسؤولية، محذّرة من أي تجاوز للقانون ومتوعدةً بإجراءات صارمة لضمان حفظ الأمن والاستقرار.

وعادت وزارة الداخلية لتصدر بياناً صباح اليوم، قالت فيه إنه على خلفية المقطع الصوتي المسيء للرسول “محمد” “ص”، «وما تلاه من تحريض وخطاب كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت منطقة جرمانا اشتباكات متقطعة بين مجموعات لمسلحين، بعضهم من خارج المنطقة وبعضهم الآخر من داخلها، وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن وقوع قتلى وجرحى، من بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة».

بينما اتهم رئيس بلدية جرمانا الأجهزة الأمنية بالتقصير ما سمح بتطور الاشتباكات على حد تعبيره، مضيفاً للتلفزيون العربي أن أهالي جرمانا تحت سقف الدولة ويرفضون الفتنة.

الناشطة “سلوى زكزك”، واجهت خطاب الكراهية بطريقتها، وقالت إن السويداء كانت أهم نقطة تدريب وحوارات للشأن العام السوري، وأضافت أن جرمانا ليست ذات نسيج طائفي واحد، إنما اختصرت كل فقراء ومهمشي سوريا الذين لجؤوا إليها.

وأضافت: «الشاطر والمسؤول يروح يعرف مين صاحب التسجيل الصوتي ويعاقبه بالقانون مو يفلت الدم بطرقات البلد».

الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز: مشروع فتنة

بدورها الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في مدينة جرمانا أصدرت بياناً، استنكرت فيه بشدة ما وصفته بـ”الافتراء” المتمثل في المقطع الصوتي المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مؤكدة أنه “مشروع فتنة وزرع للانقسام بين أبناء الوطن الواحد”.

واستنكرت الهيئة، في بيانها، الهجوم المسلح غير المبرر على المدينة، والذي استخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة، واستهدف المدنيين الأبرياء وروّع السكان الآمنين دون وجه حق، مشددة على أن “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، وأكد البيان أن حماية أرواح المواطنين وكرامتهم وممتلكاتهم تمثّل من أبسط مسؤوليات الدولة والأجهزة الأمنية، التي يتوجب عليها التحرك فوراً لوقف الاعتداء وضمان عدم تكراره، مضيفة أن دماء الضحايا “ليست رخيصة”، وأن تحصيل الحقوق وجبر الضرر “مطلب عادل لن يتم التراجع عنه”.

واختتم البيان بالدعوة إلى خروج الجهات الرسمية للرأي العام لتوضيح ملابسات ما جرى، وكشف الحقائق كاملة، ووقف حملات التحريض والتخوين التي تسهم في تفاقم الأوضاع، كما حمّلت الهيئة السلطات المسؤولية الكاملة عمّا حدث، وعن أي تطورات لاحقة قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد.

وفي السياق ذاته، أدلى الشيخ يوسف جربوع، شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز، بتصريحات أكد فيها تحميل الفاعل مسؤولية ما اقترفه، مشدداً على رفض أي إساءة تطال النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

وحذر الشيخ جربوع من الفتنة التي تعمل أطراف عديدة على إذكائها بهدف ضرب وحدة النسيج السوري، مشيراً إلى أن أبناء سوريا اعتادوا أن يكونوا جسداً واحدا، يتعاونون فيما بينهم لما فيه خير البلاد وصالحها.

يذكر أن الحرم الجامعي بمدينة حمص كان قد شهد أول أمس توتراً أمنياً على خلفية التسجيل المسيء للنبي، وكأنه كان ينذر بما قد يحدث بحال لم تتحرك السلطات لضبط الموقف واحتوائه.

مشاركة المقال: