الإثنين, 5 مايو 2025 01:37 AM

جفاف الفرات يهدد الأمن الغذائي: أزمة زراعية خانقة تضرب ريف دير الزور

جفاف الفرات يهدد الأمن الغذائي: أزمة زراعية خانقة تضرب ريف دير الزور

يعاني المزارعون في مناطق ريف دير الزور الواقعة شرقي نهر الفرات من أزمة مزدوجة تتمثل في تراجع منسوب المياه وشح الأمطار، ما تسبب بانكماش رقعة الأراضي المزروعة وارتفاع كبير في أسعار الخضار والمنتجات الزراعية.

في بلدة جديدة عكيدات، الواقعة على الضفة اليسرى لنهر الفرات، يقول المزارع خالد العلي لـ”سوريا 24” إن الأرض باتت عطشى، ولا سبيل لريها بعد توقف محركات الضخ ونفاد المازوت المدعوم منذ مطلع الربيع، ويضيف: “كنّا نعتمد على مضخات تعمل على المازوت، لكن الأسعار أصبحت خيالية، ولم يعد بمقدورنا الاستمرار”.

بحسب إحصاءات غير رسمية، تقلّصت المساحات المزروعة بالخضراوات في الريف الشرقي لدير الزور بنحو النصف، مقارنة بالموسم الماضي، مع تراجع لافت في إنتاج محاصيل مثل الكوسا والطماطم والباذنجان، التي كانت تلبّي حاجة السوق المحلية بأسعار مقبولة.

ويؤكد صبحي السلامة، مزارع من منطقة الكسرة، أن “مردود الأرض لم يعد يغطي تكلفة البذار أو السقاية”، مضيفًا أن معظم جيرانه باعوا أدوات الزراعة أو هجروا الأراضي بحثًا عن فرص عمل أخرى.

شهدت المنطقة انخفاضًا ملحوظًا في كميات الأمطار خلال الموسم الحالي، ما أسهم في تفاقم الجفاف، إلى جانب انخفاض منسوب نهر الفرات الذي يعدّ الشريان الأساسي للري.

وتوضح المهندسة الزراعية نادين، أن “التغير المناخي بدأ يؤثر فعليًا على دير الزور”، مشيرة إلى أن مواسم الزراعة الصيفية أصبحت غير مضمونة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتقلص مخزون المياه.

وفي ظل هذه الأوضاع، يعبّر عدد من المزارعين عن استيائهم من غياب أي تحرك ملموس من الجهات المعنية لدعم القطاع الزراعي، سواء عبر تأمين المحروقات أو تقديم قروض زراعية أو دعم فني، ويتحدث البعض عن “فساد إداري” في توزيع المساعدات، واقتصار الدعم على فئة محددة.

تدهور الإنتاج انعكس فورًا على أسعار السلع في الأسواق المحلية، حيث ارتفعت أسعار الخضروات بنسبة تزيد عن 100%، بحسب تجّار في سوق الصور، إذ تجاوز سعر كيلو البندورة 11 ألف ليرة سورية، في حين وصل سعر كيلو البطاطا إلى نحو 16 ألف ليرة.

وتقول أم فراس، ربة منزل في بلدة الحريجية، إن “السلطة صارت ترفاً، والخضار الأساسية صارت تُشترى بالقطعة”، موضحة أن عائلتها استبدلت الطماطم والبطاطا بالبصل والعدس في معظم وجباتها.

في ظل غياب حلول مستدامة، وتراجع الاهتمام الرسمي بالقطاع الزراعي، تبدو الحاجة ملحّة لتدخل عاجل من المنظمات الإنسانية والجهات المعنية، عبر دعم المزارعين بالمستلزمات الأساسية، وتبني استراتيجيات طويلة الأمد لمواجهة الجفاف، قبل أن تتحول الأزمة الزراعية في دير الزور إلى تهديد حقيقي للأمن الغذائي في المنطقة.

مشاركة المقال: