الخميس, 28 أغسطس 2025 09:08 PM

حرب الطاقة تشتد بين روسيا وأوكرانيا: استهداف البنية التحتية ومساعي النفوذ

حرب الطاقة تشتد بين روسيا وأوكرانيا: استهداف البنية التحتية ومساعي النفوذ

في خضم المعارك الدائرة، تخوض روسيا وأوكرانيا "حرب طاقة" موازية تستهدف منشآت الطاقة بهدف زعزعة استقرار الخصم وتعزيز النفوذ في مفاوضات السلام المحتملة، مما يحول البنية التحتية للطاقة إلى ساحة صراع استراتيجية.

أعلن الجيش الأوكراني عن شن ما لا يقل عن 10 هجمات على منشآت نفطية روسية خلال هذا الشهر، بينما اعترف المسؤولون الروس بنصفها. في المقابل، كثفت القوات الروسية هجماتها على منشآت الغاز والنفط الأوكرانية الرئيسية، مما أثار مخاوف من حدوث نقص خلال فصل الشتاء. وذكر وزير الداخلية الأوكراني إيهور كليمينكو في مقابلة أن 20 منشأة طاقة، بما في ذلك محطات كهرباء فرعية ومصافي نفط ومحطات طاقة حرارية، تعرضت لأضرار "خلال الليالي العشر الماضية".

لطالما استهدف الطرفان منشآت الطاقة لإلحاق الضرر بعيداً عن خط الجبهة، لكن هذه الضربات لم تنجح في تقويض جهود الحرب. ويهدف الطرفان من خلال هذه الهجمات إلى إحداث مشاكل سياسية واقتصادية للطرف الآخر، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

ويوضح خبير الطاقة الدولي رودي بارودي لـ"النهار" أن استهداف المنشآت والبنى التحتية المرتبطة بالطاقة يلحق الأذى بأي قطاع صناعي من كلا الطرفين ويضعف قدرتهما التنافسية.

قامت روسيا مراراً وتكراراً بضرب شبكة الكهرباء الأوكرانية لإضعاف معنويات المدنيين. بينما تقول أوكرانيا إن ضرباتها على المصافي تهدف إلى تعطيل إمدادات الوقود الروسية للدبابات والطائرات، والحد من أرباح موسكو من صادرات النفط، وتعطيل الحياة اليومية للمواطنين الروس.

استخدمت أوكرانيا أسطولاً من الطائرات المسيرة لضرب مصافي النفط الروسية في محاولة لإحداث نقص في الإمدادات والحد من أحد مصادر الدخل الرئيسية للكرملين. ويشير بارودي إلى أن أي منشأة يتم استهدافها تعطل نقل الطاقة، مما يضر بقدرة روسيا على تصريف إنتاجها وإدخال النقد المطلوب.

تأتي الجولة الأخيرة من الهجمات في وقت تتنافس فيه كييف وموسكو على كسب النفوذ وسط حملة تقودها الولايات المتحدة لتكثيف محادثات السلام. ويرى خبراء الطاقة أن الهجمات على مرافق الطاقة تخدم هذا الغرض، حيث يحاول كل طرف إقناع الآخر بأنه لا يستطيع تحمل إطالة أمد الحرب، وإرسال إشارة إلى البيت الأبيض بأنه يتمتع بميزة ويرغب في مواصلة القتال.

تسببت بعض هذه الهجمات في أضرار جسيمة، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في أوكرانيا، لكنها لم تجبر أيًا من الطرفين على التنازل عن أهدافه الحربية.

الغاز مورد حيوي في أوكرانيا، حيث يغذي معظم أنظمة التدفئة المركزية في المباني السكنية. وقدر أندريه جوبانين أن الهجمات كلفت أوكرانيا نحو مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، مما أجبر الحكومة على السعي للحصول على تمويل من شركائها الأوروبيين لشراء واستيراد إمدادات الغاز قبل موسم التدفئة الشتوي.

في المقابل، هاجمت طائرات بدون طيار أوكرانية بعيدة المدى مصافي النفط في جنوب غرب ووسط روسيا، مما أدى إلى اندلاع حرائق واسعة النطاق وتعطيل العمليات في العديد من المنشآت. وكان من بين الأهداف مصفاة لوك أويل العملاقة في فولغوغراد.

قدرت وكالة "رويترز" أن الضربات الأخيرة عطلت 17% من طاقة التكرير في روسيا. ويقول المحللون إن الإصلاحات قد تستغرق وقتاً أطول من المعتاد لأن العقوبات تحظر بيع الغرب للمكونات الرئيسية لروسيا.

أفادت شبكة "سي أن أن" بأن تكثيف أوكرانيا لهجماتها على الطاقة الروسية يؤتي ثماره، حيث أدى الارتفاع الكبير في الهجمات على مصافي نفطها إلى ارتفاع أسعار البنزين في البلاد إلى مستويات قياسية، على الرغم من حظر الحكومة الروسية تصدير البنزين للتعامل مع الأزمة.

وذكرت "نيويورك تايمز" أن سعر الجملة للبنزين ارتفع بنسبة 12% في شهر واحد حتى منتصف آب/أغسطس، وبنحو 50% منذ بداية العام، وحدث نقص في جميع أنحاء البلاد.

كما قالت شبكة "يورونيوز" إن أزمة الوقود تتفاقم في روسيا ومناطق أوكرانيا التي استولت عليها وسط ارتفاع أسعار البنزين، مشيرة إلى أن 3 مصاف على الأقل أوقفت عملياتها تماماً. ووفقًا لتقديرات مختلفة، أدت الهجمات الناجحة التي شنتها القوات المسلحة الأوكرانية إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 10-15%.

أفادت تقارير عن نقص في البنزين في عدة مناطق روسية وفي شبه جزيرة القرم. وأفادت وسائل الإعلام المحلية بوجود طوابير طويلة أمام محطات الوقود وسائقين يهرعون من محطة إلى أخرى في محاولة لملء خزانات وقود سياراتهم.

ويشدد بارودي على أن كلا الطرفين يضرّان بعضهما البعض، لكن وفقاً لقدرات كل منهما، مشدداً على أن هناك حاجة ماسة للسلام.

تصاعد الهجمات على منشآت الطاقة يكشف تحولاً استراتيجياً في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث باتت الطاقة سلاحاً رئيسياً للضغط والتأثير، وسط غموض يكتنف مسار المفاوضات المقبلة وجمود في ساحة المعركة.

مشاركة المقال: