السبت, 6 ديسمبر 2025 07:56 PM

حمص تستعيد ذكرى التحرير: الأهالي يحتفون باستعادة الكرامة ونهاية حقبة

حمص تستعيد ذكرى التحرير: الأهالي يحتفون باستعادة الكرامة ونهاية حقبة

مع إحياء الذكرى السنوية الأولى لـ "يوم التحرير" في 8 كانون الأول 2024، وهو اليوم الذي شهد نهاية حكم بشار الأسد السابق ولجوئه إلى موسكو، يتذكر أهالي حمص وريفها تلك الفترة الحاسمة التي بدأت بتحول عسكري في اليوم العاشر من الحملة الكبرى، واختتمت بتحرير المدينة قبل سقوط النظام السابق. وبينما تُقام الاحتفالات الوطنية، يحرص سكان الريف الشمالي لحمص على استرجاع كيف غيّر اليوم العاشر من معركة ردع العدوان مسار الأحداث، ليصبح تحرير حمص مسألة وقت لا احتمال.

لحظة الانعطاف الاستراتيجي

عشية سقوط نظام الأسد السابق، أعلنت "إدارة العمليات العسكرية" سيطرتها الكاملة على تلبيسة والرستن، وتحرير معظم ريف حمص الشمالي بعملية سريعة استمرت لساعات، وشهدت انسحابًا لقوات نظام الأسد من مواقعها، بعد انهيار خطوط الدفاع. ووصل المقاتلون إلى مسافة 3-5 كيلومترات من أطراف حمص في جبهات الزعفرانة والدار الكبيرة، مما شكل بداية الحصار الاستراتيجي على المدينة من الشمال. وشملت المناطق المحررة: الزعفرانة، دير فول، تيرمعلة، الغنطو، المجدل، الغاصبية، المكرمية، السعن، الدار الكبيرة، وهي بلدات كانت جزءًا من خط المواجهة الأول، وعانت من الحصار والقصف.

الغارات الروسية: محاولة لوقف التقدم

شهدت المعركة تدخلًا جويًا، حيث نفذت طائرات روسية تسع غارات على جسر الرستن، وهو طريق حيوي على طريق M5 بين حماة وحمص، في محاولة لقطع الإمدادات عن المقاتلين. كما شنّت طائرات النظام السابق غارات مكثفة باستخدام صواريخ فراغية وقنابل عنقودية على تلبيسة والرستن، في جرائم حرب تم توثيقها. وأدى القصف العشوائي إلى مقتل ستة مدنيين من عائلة واحدة في تلبيسة، بينهم أطفال، مما أثار غضبًا شعبيًا ودعمًا للمقاتلين بالموارد المحلية.

"شاهين": سلاح حاسم غيّر موازين القوى

في المقابل، استهدفت "إدارة العمليات العسكرية" تجمعات لآليات وعناصر النظام على طريق حماة-حمص، باستخدام طائرات مسيّرة من نوع "شاهين"، التي أثبتت فعاليتها في تحييد المدفعية الثقيلة ومراكز القيادة. وأصبحت هذه الطائرات، المصنّعة محليًا بدعم من كفاءات هندسية وطنية، رمزًا للاعتماد على الذات، وعاملًا في تغيير موازين القوى لصالح قوات التحرير. وبعد التقدم السريع، انسحبت قوات النظام من شمالي حمص باتجاه الساحل، لحماية "الخاصرة الأساسية" – مثلث طرطوس–اللاذقية–جبلة – حيث القيادة الأمنية والعسكرية والموانئ.

نداء أخير: "هذه فرصتكم للانشقاق"

في لحظة تاريخية، أعلن الناطق باسم "إدارة العمليات العسكرية"، المقدم حسن عبد الغني، من مدخل الرستن: "حررت قواتنا آخر قرية على تخوم مدينة حمص، وباتت على أسوارها. نوجه النداء الأخير لقوات النظام: هذه فرصتكم للانشقاق، قبل أن تُغلق الأبواب نهائيًا". هذا النداء غيّر مسار الأحداث، حيث تحوّل الطريق الدولي M5 بين حماة وحمص إلى خط إمداد لقوات التحرير، وأصبحت حمص محاصرة من الشمال والوسط، وتتهاوى دفاعاتها تحت الضغط الميداني والشعبي والانشقاقات.

ذكرى التحرير: فرح ودموع

اليوم، يستذكر أهالي حمص تلك الأيام بمشاعر الفخر والوجع.

يقول الناشط الإنساني نصّال العيكيدي لمنصة سوريا 24: "يوم التحرير هو يوم خلاصنا من الطاغية، من نيرون العصر – بشار الأسد – نعيش فرحة لا يمكن وصفها". وأضاف: "أبرز لحظة كانت دخولنا إلى حمص وعناق الأهالي بعد سنوات من التهجير. كرامتنا ردت إلينا، شعورنا هو شعور ميت أحيي من جديد". ويؤكد أن الدعم الشعبي للحكومة الانتقالية لا يعني الصمت: "نحن مع الحكومة وخلف الحكومة، حتى نصلح أخطاءها، نعدّل مسارها، نُشدّ على أيديها، ونمدّها بذراع العمل والمشاركة". من جهته، يقول محمود سليمان من تلبيسة لمنصة سوريا 24: "يتجه أهالي تلبيسة والريف الشمالي للاحتفال في الساحات العامة بعد صلاة الفجر يوم 8 كانون الأول"، مشيرًا إلى أن الناس بدأت برفع أعلام الثورة على المنازل والطرقات، وأن الساعة الجديدة في وسط حمص ستكون نقطة تجمع رئيسية". أما مراد سعد الدين من الرستن، فيتحدث عن مشاعر لا توصف: "الفرحة غير مسبوقة. الدموع لا تزال تنهمر كلما شاهد أحدهم مقاطع الفيديو الأرشيفية لدخول المقاتلين إلى الرستن، ثم تحرير المدينة، ثم دخول حمص من ثلاث جهات في الساعات الأخيرة من 7 كانون الأول". ويذكر الجميع بأن ليلة 7–8 كانون الأول 2024، لم ينم فيها أحد في حمص أو عموم سوريا، وكانت لحظات الترقب مثقلة بالأمل، وكل دقيقة تمر كأنها سنة، حتى الإعلان الرسمي عن فرار الأسد إلى موسكو، ثم انفجار الفرح في كل بيت حر. في الذكرى الأولى، لا يحتفل أهالي حمص فقط بسقوط الطاغية، بل بإحياء ذكرى اللحظة التي قرر فيها الشعب أن يكون سيد مصيره، حين اختار المقاومة لا الاستسلام، والوحدة لا الفرقة، والبناء لا الانتقام. وما يحدث اليوم في ساحات حمص وريفها، وفي ساحات سوريا عمومًا، ليس احتفالًا بالماضي فحسب، بل وعدًا بالمستقبل: سوريا حرة، موحدة، لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها.

مشاركة المقال: