الجمعة, 8 أغسطس 2025 03:59 PM

خامنئي يعزز نفوذ لاريجاني بتعيينه في المجلس الأعلى للأمن القومي وسط خلافات حول الملف النووي

خامنئي يعزز نفوذ لاريجاني بتعيينه في المجلس الأعلى للأمن القومي وسط خلافات حول الملف النووي

أفادت وسائل الإعلام الرسمية في طهران، اليوم الخميس، بأن المرشد الإيراني، علي خامنئي، أصدر قراراً بتعيين علي لاريجاني ممثلاً له في المجلس الأعلى للأمن القومي.

يمنح هذا التعيين لاريجاني عضوية رسمية وحق التصويت في المجلس، مما يعزز مكانته كفاعل رئيسي في مراكز صنع القرار العليا في طهران.

يأتي هذا الإعلان بعد أيام من قرار الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بتعيين لاريجاني أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ليجمع بذلك بين الأمانة العامة والتمثيل المباشر للمرشد، مما يمنحه قدرة أكبر على التأثير في التوجهات السياسية والأمنية للمؤسسة السيادية العليا في إيران.

يشغل علي لاريجاني مناصب عليا في إيران منذ فترة طويلة، حيث شغل سابقاً منصب رئيس البرلمان ووزير الثقافة والإرشاد، كما ترأس هيئة الإذاعة والتلفزيون، وكان أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي بين عامي 2005 و2007، وتولى ملف المفاوضات النووية مع القوى الغربية.

أثار قرار تعيين لاريجاني أميناً عاماً للمجلس ردود فعل متباينة في طهران، خاصة من التيار الذي يمثله سعيد جليلي، العضو البارز في المجلس والمعروف بمواقفه الرافضة لأي تفاوض مع الغرب. وعبر المقربون من جليلي عن استيائهم علناً. وكتب أمير حسين ثابتي، المستشار الإعلامي لجليلي والعضو السابق في البرلمان، على منصة “إكس” أن تعيين لاريجاني “لا يعبر عن تغيير جوهري في توجه الحكومة، بل يعكس محاولة لتعويض ضعف رئيسها برئيس ظل من طراز أكثر تأثيراً”. وأضاف أنه “رغم احترامه لشخصية لاريجاني الجادة”، فإنه لا يرى أن رؤاه تختلف عن بزشكيان أو حتى عن الرئيس الأسبق حسن روحاني، مما يجعله غير متفائل بشأن التأثير الإيجابي لهذا التعيين.

من جانبه، نشر سعيد جليلي نفسه تعليقات مباشرة وضمنية على حسابه في “إكس” بعد ساعات من تعيين لاريجاني، قال فيها إن “الذين راهنوا على المفاوضات لتحقيق مكاسب اقتصادية رأوا أن إيران تعرضت لهجمات وهي تفاوض”، مضيفاً أن “الاتجاه أهم من الأشخاص”. وأكد أن أي مفاوضات مقبلة يجب أن تكون محددة الزمن، وقابلة للتراجع، ومضمونة النتائج، مشدداً على أن “الثقة بالغرب أثبتت مراراً أنها خطأ فادح”.

يعكس هذا التوتر بين التيارين الاصطفاف داخل المجلس، حيث تبدو عودة لاريجاني محاولة لإعادة هندسة تركيبة المجلس ومنع سيطرة الخطاب المتشدد عليه، خاصة في ظل التحديات الأمنية الحادة مع إسرائيل، والضغط الاقتصادي الداخلي، والملفات العالقة في الاتفاق النووي.

يشير توقيت تعيين لاريجاني إلى أن المرشد أراد إرسال رسالة حاسمة إلى الأطراف الداخلية والخارجية، مفادها أن المؤسسة الحاكمة عازمة على الإمساك بزمام الأمور من خلال شخصيات موثوقة، تمتلك الخبرة والحنكة، وتتمتع بوزن سياسي يسمح لها بموازنة التيارات المتنافسة ضمن بنية القرار الإيراني.

يأتي هذا التحرك بعد أسابيع قليلة من انتهاء الحرب المفتوحة مع إسرائيل، وبعد تغييرات مؤسسية طالت مناصب عليا في الحرس الثوري ووزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان نتيجة لمقتل قادة هذه المؤسسات في الهجمات الإسرائيلية، مما يرجح أن إيران بصدد الدخول في مرحلة جديدة من إعادة ترتيب مراكز القوة.

بشكل عام، يُنظر إلى تعيين علي لاريجاني كممثل للمرشد في المجلس الأعلى للأمن القومي على أنه ليس مجرد خطوة إدارية، بل إعلان واضح عن رغبة المرشد في استعادة التوازن داخل مؤسسات صنع القرار، في مواجهة تباين الرؤى بين معسكري “المواجهة” و”التفاوض”، واحتواء للانقسامات التي برزت بشدة عقب الحرب الأخيرة والجدل الدائر حول سبل إدارة الصراع مع الغرب في المرحلة المقبلة.

مشاركة المقال: