دمشق – نورث برس
أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن محمد، الأربعاء، أن التعويم المدار يمكن أن يكون خطوة إيجابية نحو تحسين الأوضاع الاقتصادية، شريطة تطبيقه بعناية فائقة ووفق شروط محددة، أبرزها الإدارة الفعالة والشفافية في العمليات المالية وأسعار الصرف. يأتي ذلك في ظل توجه مصرف سوريا المركزي نحو اعتماد سياسة التعويم المدار لليرة السورية، وفقًا لتصريحات حاكم المصرف عبد القادر حصرية لصحيفة "فاينانشال تايمز" يوم أمس الثلاثاء، وذلك بعد توحيد أسعار الصرف، بهدف تقليل التقلبات في السوق والحد من سيطرة السوق السوداء.
وأضاف محمد، وهو نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماه، لنورث برس، أن من بين الشروط الضرورية أيضًا، "الإدارة الفعالة من قبل المصرف المركزي للسيطرة على السوق وتجنب التقلبات الحادة، بالإضافة إلى دعم هذا الإجراء بسياسات اقتصادية شاملة تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات".
وحذر الخبير الاقتصادي من "مخاطر فشل التعويم المدار، والتي قد تتضمن زيادة التضخم نتيجة عدم القدرة على التحكم في سعر الصرف، وتآكل الاحتياطات النقدية بسبب التدخل المستمر، بالإضافة إلى فقدان ثقة المواطنين بالليرة السورية، مما قد يدفعهم للعودة إلى التعامل بالدولار".
ويرى محمد أن "إدارة سعر صرف الدولار لتحقيق مصلحة الاقتصاد السوري تتطلب فهمًا عميقًا للسياسات النقدية وتأثيراتها، مع وجود خيارين رئيسيين: التخفيض القسري لسعر الصرف أو التثبيت القسري له".
وأشار إلى أن "التخفيض القسري قد يؤدي إلى زيادة التضخم وارتفاع الأسعار بسبب ضخ كميات كبيرة من الدولار، مما يؤثر سلبًا على القوة الشرائية ويزعزع الاستقرار الاقتصادي، في حين أن التثبيت القسري قد يحقق استقرارًا نسبيًا في الأسعار ويعزز ثقة المستثمرين والمستهلكين، ويساعد في تحسين العلاقات التجارية وجذب الاستثمارات بفضل القدرة على التنبؤ بالتكاليف والأسعار".
ويعتقد الخبير الاقتصادي أن الخيار الأنسب "قد يكون التثبيت القسري أكثر فائدة على المدى القصير لتحقيق الاستقرار، بينما التخفيض القسري قد يؤدي إلى نتائج عكسية إذا لم يتم إدارته بشكل صحيح".
وأضاف: "التعويم يعني ترك قوى العرض والطلب على الدولار تحدد القيمة الحقيقية لليرة مقابل الدولار، أي تحديد سعر التوازن في السوق، أما التعويم المدار فيتضمن تدخل المصرف المركزي في السوق عبر التأثير على كمية الدولار أو الليرة السورية المتداولة، سواء بزيادة أو تخفيض العرض".
لكن هذه التدخلات "قد تكلف الخزينة خسائر مالية كبيرة لصالح الصرافين" وفق الخبير الاقتصادي.
وشدد على "ضرورة تبني الحكومة سياسات نقدية مدروسة تراعي التأثيرات الكلية لكل خيار، وبصراحة، يرى أن تحقيق مصلحة الاقتصاد السوري قد يتطلب مزيجاً من التخفيض والتثبيت القسري المدار لسعر صرف الدولار، مع ضرورة تعديل كمية الدولار أو الليرة في السوق بشكل دقيق".