عبد اللطيف شعبان: بذلت الحكومة السورية جهودًا دبلوماسية مكثفة على الأصعدة الإقليمية والعربية والدولية خلال الأشهر الماضية، سعيًا لتوضيح الحقائق المتعلقة بالوضع في سوريا. وقد تجسد ذلك في جولات وزير الخارجية المكوكية. ومع الإيمان بأهمية الحوار مع الخارج، إلا أنه لا يجوز للحكومة أن تهمل الحوار الداخلي، الذي يعتبر ضروريًا لتعزيز الوحدة الوطنية.
يتساءل الكثيرون عن دور الحكومة في تفعيل الحوار الداخلي مع مختلف شرائح المجتمع، للإجابة على التساؤلات المتراكمة. ورغم الإشارات المتكررة إلى أهمية هذا الحوار، بما في ذلك تأكيد الرئيس ووزير الخارجية عليه، إلا أن اللقاءات الحوارية التي جرت في بعض المحافظات كانت محدودة ولم تحقق النتائج المرجوة. كما أن الحكومة لم تولِ الاهتمام الكافي للطروحات والشكاوى التي تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي.
يبدو أن الحكومة الحالية مستمرة في سياسة التهميش التي كانت سائدة في السابق، حيث كان يتم تجاهل آراء المواطنين. وإذا كان وزير الخارجية قد حقق نجاحات في علاقات سوريا الخارجية بفضل مهاراته اللغوية، فإن الحاجة أشد لتفعيل الحوار الداخلي بحضور شخصيات مماثلة، من الحكماء الذين يتقنون اللهجات المحلية ويفهمون عادات وتقاليد المناطق المختلفة. يجب تنشيط الحوار في جميع المحافظات لتحقيق نجاحات مماثلة في السياسة الداخلية.
تفعيل الحوار بين الحكومة والمواطنين، وبين المواطنين أنفسهم، هو مطلب عام. والحكومة هي المعنية بتأسيس هذا الحوار، وهي المستفيد الأول من نجاحه. يجب أن تتذكر الحكومة أن ضعف الحوار كان أحد أسباب سقوط الأنظمة السابقة. فغياب الحوار البناء يفسح المجال للفشل والتدهور. الحوار يبعث الأمل، بينما التناحر يؤدي إلى الأسوأ. يجب أن يكون الحوار شعارًا للجميع، حكومة ومواطنين، في جميع المحافظات. الوحدة الوطنية هي الحل، والتفرقة هي الخطر الأكبر.
"إن هذا لهو الفوز العظيم ولمثل هذا فليعمل العاملون" (سورة الصافات / الآيتين 60 – 61). "أطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" (سورة الأنفال / الآية 46). "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (سورة الرعد / الآية 11).
*الكاتب: عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية – عضو مشارك في اتحاد الصحفيين السوريين
