عنب بلدي – مروان المضحي – تعتبر الرياضة علامة حيوية على تعافي المجتمعات وقدرتها على تجاوز المحن. وفي دير الزور، المدينة التي عانت دمارًا واسعًا خلال فترة حكم نظام الأسد، تبرز هذه الحقيقة بشكل جلي. يواجه القطاع الرياضي تحديات جمة تهدد بإخماد جذوة الأمل، نتيجة للتدهور المستمر في المرافق الرياضية ونقص الإمكانيات، الأمر الذي يستدعي تدخلًا فوريًا على الصعيدين المحلي والدولي لإنقاذ هذا القطاع الحيوي من الإهمال.
أكد علي الرويلي، الرئيس الفني لكرة القدم في المحافظة، أن الوضع الرياضي في دير الزور يمثل "مفارقة مؤلمة"، حيث تزخر المدينة بالمواهب الرياضية الواعدة على مستوى سوريا، إلا أن الموارد المتاحة "ضعيفة جدًا". وأوضح الرويلي في حديثه إلى عنب بلدي أن هذا التدهور ليس مجرد ضعف، بل هو نتيجة مباشرة للضرر الهائل الذي لحق بالمنطقة خلال السنوات الماضية، حيث تسببت التداعيات "الكارثية" للنزاع في تدمير واسع النطاق للمنشآت. ويرى أن دير الزور بحاجة إلى اهتمام مضاعف لتعويض ما فات، خاصة أن الضرر طال المنشآت بشكل كبير. وأضاف أن الرياضيين، على الرغم من جهودهم الحثيثة، يواجهون صعوبات جمة تعرقل مساعيهم لتطوير الرياضة في المدينة.
من جانبه، أوضح تحسين العواد، الفني لدى مديرية الشباب والرياضة، في حديثه إلى عنب بلدي، أن حجم التحدي في المنشآت الرياضية كبير، حيث بدأ العمل فيها عام 2003، لكنه توقف مع بداية الثورة في 2011. وعلى الرغم من استكمال أعمال الهيكلة والتأسيس بشكل كامل، فإن المشروع لا يزال متوقفًا، بانتظار التمويل اللازم للإكساء. وأكد العواد أن ملعب المدينة الرياضية الجديدة يعتبر منشأة نموذجية بكل المقاييس، حيث صُمم ليوافق مواصفات "فيفا" ويتسع لحوالي 35 ألف متفرج. وأشار إلى ضرورة إقامة منشآت جديدة تمامًا، إذ إن الملعب القديم بات غير صالح من ناحية المدرجات. وأضاف أن المدينة تضم صالات مخصصة لألعاب القوى، ما يفتح آفاقًا لتنويع الأنشطة الرياضية، مطالبًا بتفعيل الاستثمار في هذه المرافق.
وفي سياق متصل، لخص علي كنادي الشيخ، مدير مديرية الشباب والرياضة، الأزمة بقوله إن "الحالة الرياضية بدير الزور متدهورة"، وإن حال المنشآت يعكس "حال المدينة المدمرة ككل". ويرى الشيخ أن الأولوية المطلقة حاليًا يجب أن تتركز على "الاستثمار بالإنسان والحجر معًا"، معتبرًا أن هذا الاستثمار المزدوج هو السبيل الوحيد لدعم القطاع الرياضي ودفعه نحو النهوض من جديد. وأشار إلى أن القطاع الرياضي يواجه أزمة مالية خانقة، نتيجة لغياب الدعم الكافي سواء على مستوى المحافظة أو من الوزارة المركزية، مما يعمق الفجوة بين الطموح والواقع.
من جهته، أعرب محمد عبادي، أحد رياضيي دير الزور وابن نادي الفتوة، عن أسفه للأوضاع الصعبة التي تعيشها المدينة، مؤكدًا أن دير الزور بحاجة ملحة لإعادة الحياة العامة والرياضية إليها. وأشار إلى أن شعور الاستياء هو المسيطر، نتيجة لغياب المنشآت والملاعب والاستثمارات، مؤكدًا أن المشهد الحالي لا يبشر بأي تحسن قريب. ويرى عبادي أن دير الزور منسية من الجميع، في حين أن باقي المدن كلها تعمل لتغيير الواقع المتردي. واختتم حديثه بالتأكيد على أن "المدينة لا تعمر إلا بتكاتف أبنائها"، متسائلًا عن سبب هذا الإهمال تجاه مدينة غنية بالموارد و"يقطنها شعب كريم"، معبرًا عن أمله في أن تشهد المدينة انتعاشًا وتحسنًا في واقعها.