الجمعة, 21 نوفمبر 2025 03:14 PM

رفض دولي لزيارة نتنياهو إلى الأراضي السورية واعتبارها انتهاكًا للسيادة

رفض دولي لزيارة نتنياهو إلى الأراضي السورية واعتبارها انتهاكًا للسيادة

باريس – محمد العويد: أثارت زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من مسؤولي حكومته إلى المناطق الحدودية الجنوبية في سوريا موجة من الرفض والاستنكار الدولي. واعتبرت هذه الزيارة استعراضًا بائسًا يتعارض مع رغبة المجتمع الدولي في إخماد حرائق الشرق الأوسط وتعزيز فرص السلام والتنمية برعاية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة ترامب.

بدأت ردود الفعل من الخارجية الفرنسية، التي دعت إسرائيل للانسحاب من هضبة الجولان السورية واحترام وحدة أراضي سوريا. وتلا ذلك بيان من الدولة الجزائرية، أعرب عن استنكارها ورفضها للزيارة. كما أصدرت وزارة الخارجية في المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة السعودية بيانات مماثلة، حيث اعتبرت السعودية الزيارة تعديًا على سيادة الأراضي السورية.

تكمن خطورة هذه الزيارة الاستفزازية في أنها تأتي في سياق ممارسات إسرائيلية متكررة بحق الأراضي السورية، سواء من خلال التوغلات اليومية في ريف القنيطرة وحوض اليرموك بريف درعا الغربي، أو إعلان وجود فرق من السويداء بحجة التدريب للعمل كدفاع مدني، أو المطالبة بممر "إنساني" داخل الأراضي السورية وصولًا إلى الجنوب، أو تحليق طائراتها في الأجواء السورية. تشير هذه الممارسات إلى أن الكيان الإسرائيلي يخوض حربًا متكاملة، وإن كانت غير معلنة، ضد الدولة السورية، التي أعلنت منذ بداية الأزمة أنها تريد صفر مشاكل مع جميع الجوار واللاعبين الإقليميين والدوليين، بهدف ترتيب الأولويات في الداخل السوري.

جوهر هذا التصعيد الإسرائيلي هو محاولة مكشوفة لاستفزاز سوريا ودفعها إلى ردود فعل لا تريدها، تتخذها إسرائيل ذريعة لتوسيع نطاق حربها وعملياتها الاستيطانية، بهدف فرض وقائع جديدة على الأرض، قبل التوصل إلى أي اتفاق أمني محتمل برعاية أمريكية. فإبرام مثل هذا الاتفاق سيسحب من إسرائيل جميع المبررات المعلنة للتدخل في الشأن الداخلي السوري.

وعلى الرغم من أهمية جولات التفاوض السابقة عبر الوسطاء الدوليين للوصول لاتفاق أمني، إلا أن إسرائيل المنتشية بحالة القوة الفائضة، لا تريد إلا فرض شروطها على دمشق، عبر أدوات متعددة، منها ما حملته رسائل الزيارة، خاصة في ظل اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، الباحث عن أي انتصار بعيد النبذ الدولي وما خلفته حملته الدموية على قطاع غزة.

السؤال المحق، إن كانت إسرائيل قادرة على تنفيذ ما ترغب حكومتها اليمينية أم أن سوريا اليوم رغم هشاشة وضعها العسكري عتادا وجيشا وبنى وتأهيل لديها أوراقها و حائط صد بوجه الإسرائيلي وتطلعاته.

منذ سقوط النظام البائد، دخلت سوريا مرحلة انتقالية سياسية، وهو ما فتح المجال لإعادة تقييم العلاقات الإقليمية، وخلق مسار تفاوضي جديد برعاية الولايات المتحدة، مع محاولة ضبط أي تطورات ميدانية عبر الحوار وتعزيز التوجه لعدم أي صدام سيعيد المنطقة برمتها للاهتزاز وينعكس عالميا.

الجانب السوري ليس وحيدا اليوم ولا معزولا بل من الواضح أنه مدعوم إقليميا ممثلا بالجانب التركي وعربيا وإسلاميا ممثلا بالمملكة العربية السعودية، وعملت الدبلوماسية بجد وحركة دؤوبة على إعادة نسج التحالفات الدولية الفاعلة بدءا من موسكو وصولا للصين، كل هذه العوامل تبدو أشبه بالصدمة على رأس الاسرائيلي، ينهي ويجفف أطماعه ويظهره بثوب المعتدي المتكرر على سوريا، وقد يفقده الدعم الغربي عموما والأمريكي خصوصا، إن استمر بهذه العنجهية والفهم الخاطئ لتحولات المشهد الدولي اتجاه الدولة السورية، ومشروع التحولات بعموم منطقة الشرق الأوسط المتسارعة.

بين الممكن واقعيا والأماني التي تريدها إسرائيل تتداخل العوامل وأبرزها العامل السوري، فمع الاصرار على وحدة الأراضي، والتمسك باتفاق فظ الاشتباك الموقع 1974، مرورا بتبريد الملفات الساخنة جنوبا وشمالا، وما قد يرخيه رفع قانون قيصر المتوقع خلال الفترة القادمة، وتزايد وصول الدبلوماسية السورية لعواصم القرار العالمي، عوامل تدفع لتأكيد صوابية النهج السوري، مقابل اللاعقلانية الاسرائيلية، هذه التحولات من أبرز ضواغط و دوافع الاستعراض والصلف الاسرائيلي، لكنه في جوهره/ الاستعراض / لن يفضي لشيء يحقق للإسرائيلي ما يريده ويطمح له، وإن غدا لناظره لقريب.

مشاركة المقال: