الأحد, 16 نوفمبر 2025 11:09 PM

زيارة الشيباني إلى بكين: آفاق التعاون الاقتصادي وعودة الدبلوماسية السورية

زيارة الشيباني إلى بكين: آفاق التعاون الاقتصادي وعودة الدبلوماسية السورية

أعلنت إدارة الإعلام في وزارة الخارجية والمغتربين، وفقًا لما نقلته وكالة “سانا”، عن توجه وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني اليوم الأحد إلى جمهورية الصين الشعبية في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها، وذلك لإجراء مباحثات مع عدد من المسؤولين الصينيين. ما هي الدلالات والأهداف الكامنة وراء هذه الزيارة؟

تعتبر زيارة الشيباني إلى بكين خطوة ذات طابعين: رمزي وواقعي. فهي رمزية لأنها تؤكد عودة سوريا إلى مسارات دبلوماسية هامة بعد سقوط نظام الأسد، وتمثل إضافة نوعية في المسار الجديد الذي انتهجته الدبلوماسية السورية في تعاملها مع دول المنطقة والعالم، بعيدًا عن سياسات المحاور والاستقطاب. وهي واقعية لأنها تأتي في إطار سعي دمشق لإيجاد شريك اقتصادي واستراتيجي قادر على دعم جهود إعادة الإعمار وتوفير غطاء دبلوماسي في المحافل الدولية، بالإضافة إلى إعادة تموضعها بين القوى الكبرى.

وتأتي هذه الزيارة تجسيدًا لما صرح به الشيباني في 19 من الشهر الماضي في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية الرسمية، حيث أكد أن “العلاقات مع الصين تعود إلى مسارها الصحيح بعد سنوات من اصطفاف بكين إلى جانب النظام السابق”. وأشار إلى أن الزيارة تهدف إلى “بحث مجالات التعاون الاقتصادي وإسهام الصين في إعادة إعمار سوريا”، مشددًا على أن دمشق “بحاجة إلى شراكات استراتيجية حقيقية، ولا سيما مع الصين، في مرحلة البناء وإعادة الإعمار”.

ويأتي ذلك في سياق التحول الذي تشهده علاقات البلدين، خاصة وأن بكين كانت من الدول الداعمة للنظام السابق، وقد أعلنت رفع مستوى العلاقات الثنائية معه إلى “شراكة استراتيجية” خلال زيارة أجراها الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى الصين في أيلول 2023.

ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في كانون الأول 2024، تسعى سوريا الجديدة، برئاسة الرئيس أحمد الشرع، إلى تعزيز حضورها الإقليمي والانفتاح على الساحة الدولية، وإقامة علاقات مع مختلف دول العالم تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والدبلوماسية المتوازنة، بدلًا من منطق الرعاية الذي ساد في زمن الحرب.

تمثل سوريا فرصًا استثمارية كبيرة بالنسبة للصين، حيث من المتوقع أن يفتح ملف إعادة إعمار سوريا عقودًا ضخمة لشركات المقاولات الصينية والبنى التحتية المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق أو سلاسل الإمداد الإقليمية. كما أن سوريا، بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، تعتبر بوابة إلى البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط؛ ومن هذا المنطلق، فإن إقامة علاقات مع دمشق يخدم مصالح الصين في مجال الطاقة والنفوذ السياسي في المنطقة.

منذ أوائل عام 2025، تحركت بكين بحذر لإعادة فتح القنوات الدبلوماسية والاقتصادية، وأشار المسؤولون الصينيون إلى استعدادهم لإشراك الحكومة الجديدة، مؤكدين على أهمية التعاون والاستقرار في مكافحة الإرهاب.

اتسم موقف الصين في سوريا بعد سقوط الأسد بالبراغماتية الحذرة. ففي الوقت الذي تحافظ فيه على تركيزها الخطابي على السيادة وعدم التدخل، فإنها تدرك أن استقرار سوريا على المدى الطويل يتماشى مع رؤيتها الأوسع لمبادرة الحزام والطريق في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وعلى عكس روسيا وإيران، لا تسعى بكين إلى السيطرة المباشرة على الشؤون العسكرية أو السياسية، بل تهدف إلى تشكيل تعافي سوريا من خلال التعاون الاقتصادي والمؤسسي.

مشاركة المقال: