الثلاثاء, 3 يونيو 2025 07:00 AM

سباق الذكاء الاصطناعي: الإمارات رائدة.. هل يلحق لبنان بالركب؟

سباق الذكاء الاصطناعي: الإمارات رائدة.. هل يلحق لبنان بالركب؟

الإمارات تتبوأ مركز الريادة بإنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي، بينما يدرس لبنان الفكرة وسط تحديات جمة.

تعتبر الإمارات العربية المتحدة الدولة الخليجية الوحيدة التي بادرت إلى إنشاء وزارة مستقلة للذكاء الاصطناعي، وذلك في سياق رؤية طموحة تهدف إلى قيادة التحول الرقمي على مستوى العالم العربي، وتجسيدًا لتوجه الدولة نحو تبني أحدث التقنيات وتطبيقاتها في مختلف القطاعات الحيوية.

في المقابل، أولت بقية دول الخليج، التي لم تنشئ وزارات مستقلة للذكاء الاصطناعي، اهتمامًا متزايدًا بهذا المجال من خلال هياكل ومؤسسات حكومية قائمة. ففي المملكة العربية السعودية، تتولى الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) مسؤولية قيادة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، وهي مرتبطة بمجلس الوزراء. وفي قطر، يدمج الذكاء الاصطناعي ضمن مهام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. أما في البحرين، فتقع مسؤوليات الذكاء الاصطناعي ضمن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية وتحت إشراف وزارة المواصلات والاتصالات. وفي الكويت، يتولى الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات متابعة السياسات الرقمية، دون وجود كيان متخصص في الذكاء الاصطناعي. وفي سلطنة عمان، تشرف وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات على مبادرات الذكاء الاصطناعي.

ماذا عن لبنان؟ في 13 مايو/أيار الجاري، صرح المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية بأن الرئيس عون شدد خلال لقائه وزير المهجرين ووزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، على "ضرورة إنشاء الوزارة في أقرب وقت ممكن، لكي تقوم بمهامها وتنفّذ المشاريع المنتظرة منها وفقًا لأفضل المعايير الدولية...". فهل يرى هذا المشروع النور قريبًا؟

شركة G42 الإماراتية تشتري شرائح Nvidia المتطورة.

إلا أن الخبير في إدارة الاتصالات، جبران الخوري، لا يرى ضرورة لإنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي في لبنان، موضحًا أن "أفضل المعايير المعتمدة دوليًا لا تقوم على إنشاء وزارة متخصصة للذكاء الاصطناعي، فالدول المتقدمة في هذا المجال، مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين ودول الاتحاد الأوروبي واليابان، لا تخصص وزارات للذكاء الاصطناعي، بل تعتمد على هيئات تنظيمية أو مجالس وطنية. والاستثناء الوحيد هو دولة الإمارات، وكندا أخيرًا. فكيف للبنان أن يقدم على إنشاء هذه الوزارة؟"

ويعتبر الخوري أن "التوقيت غير مناسب لإنشاء وزارة كاملة للذكاء الاصطناعي، كون لبنان يفتقر حاليًا إلى المقومات الأساسية لتطوير ونشر الذكاء الاصطناعي، ولا سيما كهرباء وإنترنت موثوق بهما، وكادر فني مؤهل، وأنظمة بيانات مترابطة بين الوزارات. فبدون هذه الأسس، قد تصبح وزارة الذكاء الاصطناعي مجرد خطوة رمزية بلا تأثير حقيقي".

وفي حين تبرز حجة غياب التمويل أو الدعم الدولي قبل الإصلاحات، يقول خوري: "الإصلاحات لا تشمل فقط إنشاء الهيئات الناظمة، بل إن الإصلاحات الحقيقية تبدأ بتقديم مشاريع محددة وشفافة وواضحة الميزانية للإنشاء والتجهيز والتشغيل والفترة الزمنية للتنفيذ. ومجرد طرح إنشاء وزارة لتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي وعرضها على مجلس النواب، قد يؤدي إلى نقاش حول التداخل في الصلاحيات مع بقية الوزارات. إذ على الأقل ثمة تداخل في الصلاحيات بين الوزارة التي ستستحدث ووزارتي الدولة للتنمية الإدارية والاتصالات. فالتنمية الإدارية هي الجهة التي تقوم بمشاريع التحول الرقمي، وعادة ما تكون 'تكنولوجيا المعلومات' وفقًا للمعايير الدولية من ضمن مهام وزارة الاتصالات".

من هنا، يعتبر الخوري أن المسار الأكثر واقعية وفعالية "يقوم على إنشاء مشاريع تجريبية مرئية وسريعة التنفيذ مثل الهوية الرقمية، وأنظمة الدفع الرقمي، ومنصات الشفافية الحكومية، والتركيز على أهداف قصيرة المدى قابلة للقياس ضمن جداول زمنية واضحة، بالإضافة إلى التعاون مع مؤسسات عربية ودولية لتطبيق استخدامات الذكاء الاصطناعي في الصحة، والتعليم، والإدارة العامة".

وفي ما يشبه خريطة طريق للوصول إلى إنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي، يعتبر خوري أنه "علينا أولًا بناء الأنظمة، وتطوير القدرات، وكسب ثقة المجتمع، وتطوير قطاع الاتصالات من خدمة مرفقية تقليدية إلى جزء من منظومة أوسع تشمل البنية التحتية الرقمية والابتكار التكنولوجي، فيصبح الدمج واقعًا بين وزارة الاتصالات والوزارات التي تشرف على التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات والنقل والبنية التحتية والشؤون الاقتصادية أو الابتكار. بعد ذلك كله، يمكن النظر في تأسيس وزارة تستحق أن تكون واجهة الذكاء الاصطناعي في لبنان، مثل دولة الإمارات، تعمل على تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بشكل فعال".

يختم الخوري بالقول إن "إنشاء وزارة الذكاء الاصطناعي في لبنان يجب أن يكون نتيجة لتقدم رقمي حقيقي، لا نقطة انطلاق".

مشاركة المقال: