الثلاثاء, 25 نوفمبر 2025 08:45 PM

سوريا تعزز جهودها لاستعادة الغطاء النباتي بعد خسائر الحرائق: خطط طموحة لزيادة التشجير

سوريا تعزز جهودها لاستعادة الغطاء النباتي بعد خسائر الحرائق: خطط طموحة لزيادة التشجير

دمشق-سانا: تتصدر إجراءات استعادة الغطاء النباتي وزيادة رقعة الحراج وتطويرها أولويات الرؤية الوطنية لوزارة الزراعة السورية. تعمل الوزارة على تنفيذ خطوات منهجية لإعادة تأهيل مساحة الغابات المتضررة جراء الحرائق التي طالت مناطق واسعة هذا العام، بالإضافة إلى إنتاج غراس ذات مواصفات فنية جيدة وملائمة بيئياً لمواقع التحريج المستهدفة.

1.4 مليون غرسة حراجية

أوضح مدير الحراج مجد سليمان في تصريح لمراسل سانا، أن الخطة المقترحة لإنتاج الغراس الحراجية لموسم 2025– 2026 تبلغ نحو 1.4 مليون غرسة حراجية، موزعة على 32 مشتلاً حراجياً في مختلف المحافظات، وتنتج أكثر من 50 نوعاً حراجياً تتلاءم مع المتطلبات البيئية للمواقع المستهدف زراعتها.

وبين سليمان أن نتائج التجدد الطبيعي أظهرت نسباً منخفضةً في بعض المساحات المتضررة من الحرائق، وعلى وجه التحديد في المواقع الحراجية التي تمت حمايتها لأكثر من عامين، وتم إدراجها ضمن خطط التحريج السنوية لإعادة تأهيلها وترميمها. تستعد الوزارة ضمن خطتها المقترحة للتحريج الاصطناعي لمعالجة نحو 1000 هكتار مساحة قديمة خلال موسم 2025– 2026، موزعة وفق الاحتياجات على النحو الآتي:

  • 454.5 هكتار أعمال ترقيع
  • 206 هكتارات لرفع الكثافة الحراجية
  • 291.5 هكتار مساحة محروقة
  • 48 هكتار مساحة مكسورة.

آلية التعامل مع المواقع المتضررة من الحرائق

وحول آلية التعامل مع المواقع المتضررة، تعمل وزارة الزراعة حالياً على تطبيق الحماية الكاملة على المواقع التي تعرضت لحرائق متوسطة أو عالية الشدة، ودراستها عبر لجان تضم فنيين واختصاصيين من كل الجهات لتحديد آلية التدخل في المواقع المحروقة، وذلك استناداً إلى الطبيعية الطبوغرافية للموقع وطبيعية الغطاء النباتي وشدة الحريق، وتقدم هذه اللجان مقترحاتها لأساليب التدخل المناسبة سواء لحماية الموقع أو التدخل عبر التحريج، لضمان إعادة الغطاء النباتي وحماية التربة من الانجراف، وفق مدير الحراج.

وبيّن سليمان أنه يمكن استعادة الغطاء النباتي للمساحات ذات الضرر المتوسط تدريجياً عبر إنبات البذور أو انطلاقاً من الأجزاء النباتية الحية الموجودة تحت التربة، مثل البصيلات والريزومات، التي تمكن النباتات من إعادة النمو واستعادة الغطاء النباتي. أما المواقع التي تعرضت لحرائق عالية الشدة فيمكن استعادة النظم البيئية فيها عبر نثر البذور من الأنواع المحلية لتسريع عملية التعافي البيئي، مع مراعاة أن يكون جمع هذه البذور من المناطق القريبة أو المحاذية لموقع الحريق لضمان الملاءمة البيئية.

حجم المساحات المتضررة

أظهرت بيانات وزارة الزراعة التي حصلت سانا على نسخة منها، تقديراً أولياً للمساحات الحراجية المتضررة من الحرائق للعام 2025، وكانت وفق الآتي:

  • مساحة حرائق الغابات في محافظة اللاذقية نحو 70192 دونماً بعدد 161 حريقاً، ومعظم الغطاء النباتي المحروق من الصنوبريات (الصنوبر البروتي)، والسنديانيات والبعض من عريضات الأوراق.
  • المساحة التقديرية للحرائق في منطقه الغاب نحو 41000 دونم بعدد 35 حريقاً.
  • المساحة التقديرية لحرائق الغابات في طرطوس نحو 572 دونماً بعدد 57 حريقاً.
  • المساحة التقديرية لحرائق الغابات في حماة نحو 4435 دونماً بعدد 18 حريقاً.
  • المساحة التقديرية للحرائق التي طالت المواقع الحراجية في محافظة حمص، نحو 1146 دونماً بعدد 33 حريقاً.

وأشار مدير الحراج إلى أن الفرق المساحية في المحافظات مازالت تعمل على تحديد المساحات الحراجية المحروقة بدقة وفق بيانات القيد العقارية.

إجراءات الزراعة تجاه التعديات.. 7 مراكز للحماية

أشار مدير الحراج مجد سليمان إلى أن الوزارة تعمل على رسم حدود الحريق وتحديد مساحته، وإنتاج خرائط فضائية لهذه المواقع ومراقبتها خلال فترات دورية لكشف حالات التعدي عليها، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفات، وتنظيم الضبوط الحراجية بحق المخالفين وإحالتها للقضاء واستصدار قرار نزع اليد بحقهم، إضافة إلى تشديد المراقبة على هذه المواقع من خلال عناصر الضابطة الحراجية وحراس المواقع.

وبيّن سليمان أنه تم تجهيز مراكز حماية الغابات في المحافظات بكل المستلزمات وسيارات الإطفاء وتأمين العدد والأدوات اللازمة، حيث يوجد في سوريا الآن 7 مراكز جاهزة لحماية الغابات من أصل 20 مركزاً يتم العمل على إعادة تأهيلها، إضافة إلى 38 صهريج إطفاء جاهزاً للعمل من أصل 64، كما يبلغ عدد عمال الإطفاء 513 عاملاً.

وأشار مدير الحراج إلى تجهيز أبراج المراقبة الموزعة في الغابات والمواقع الحراجية بكل مستلزمات العمل، حيث يوجد في سوريا 34 برج مراقبة جاهزاً من أصل 105 أبراج تحتاج إلى التأهيل والصيانة، إضافة إلى شق وتعزيل وترميم الطرق الحراجية وخطوط النار في الغابات وفق الخطة السنوية الموضوعة لهذا الغرض، حيث بلغت خطة شق الطرق لعام 2025 /3175/ كم.

كما عملت الوزارة، وفق سليمان، على تأمين مناهل المياه والآبار اللازمة لإمداد سيارات الإطفاء وصهاريج التغذية خلال الحرائق، والقيام بأعمال التنمية في الغابات وتفريد الأشجار في المواقع الكثيفة، وتقليم وإزالة بعض الأفرع العالية وتخفيف كتلة الوقود الحيوي في وحدة المساحة.

ونظمت الوزارة أيضاً دورات للتدريب والتأهيل في إدارة ومكافحة الحرائق الحراجية، وإعداد قاعدة البيانات والمعلومات المتعلقة بكل الجوانب التي تخص الحرائق من صور فضائية حديثة وخرائط ولوائح تتضمن الإمكانيات المتوافرة.

وأضاف سليمان: إنه تم تجهيز شبكة الاتصال السلكي واللاسلكي وتوزيعها في المحافظات وربطها مع محطات ثابتة مكتبية ومحطات متنقلة وقبضات اتصال.

كما تسعى الوزارة إلى الحصول على الوسائل والتقنيات الحديثة للكشف المبكر عن الحرائق باستخدام طائرات “الدرون”، والتعميم على الفلاحين بعدم اللجوء إلى الحرق الزراعي، ومنع الرعاة من إدخال المواشي إلى الغابات، ومنع استخدام الغابة كمكبات للقمامة.

ولفت مدير الحراج إلى أنه تم تحديد المواقع السياحية التي يمكن للزوار ارتيادها وتجهيزها بالخدمات اللازمة، والتنسيق مع وزارتي الطاقة والنقل لتنظيف تلك الأماكن وتوضيح السلوك الخاطئ أثناء زيارة الغابة، وتعميم دليل السيطرة على حرائق الغابات.

خسائر الحرائق وتداعياتها

رئيس دائرة التنوع الحيوي في مديرية الحراج المهندس عمر زريق أوضح أن أبرز الخسائر التي تسببها الحرائق تتمثل في ضياع العناصر الغذائية من التربة وتعرضها للانجراف بسبب التغير في قوامها، وزوال الغطاء النباتي وانخفاض رقعته تدريجياً مما ينعكس سلباً على الطقس والبيئة المحلية من حيث كمية الأمطار والأكسجين والخلل في التوازن البيئي.

ولفت زريق إلى أن الحرائق تسببت بخسائر اقتصادية كبيرة في المخزون الخشبي الناتج والمنتجات الحراجية (الخشب– والأحطاب– وثمار الغابة– والنباتات الطبية والعطرية)، إضافة إلى تراجع مستوى الدخل المحلي، وخسارة المراعي والسهول، ما أثر سلباً على الثروة الحيوانية ومراعي النحل وفقدان الموئل الطبيعي للحيوانات البرية التي تعيش في الغابة، والطيور والنحل.

وأدت الحرائق وفق زريق، إلى انخفاض المخزون المائي الجوفي نتيجة تغير قوام التربة وانجرافها، وتضرر القرى المجاورة للغابة نتيجة تأثرها بالحرائق وفقدان العائد الاقتصادي لأهالي تلك القرى من الغابة، وخسارة مبالغ مالية ضخمة لإعادة تأهيل المواقع المحروقة.

أنواع الغراس الحراجية

تمتلك المشاتل الحراجية التابعة للوزارة أنواعاً عدةً من الغراس تتوافق مع البيئات المتنوعة في سوريا، وفق مشرف الضابطة الحراجية المهندس دانيال بكور.

ومن هذه الأنواع (الصنوبر، والسرو بأنواعهما، والعفص، والروبينيا، والطرفاء، والغلاديشيا، والأوكاليبتوس، والدفلة، والدردار السوري، والبرختيتون، والكازورينا، والجاكرندا، والأكاسيا، والزيزفون، واللجيستروم، والشوح، والخرنوب، والأرز، والغار، والكستناء، والبطم الأطلسي)، إضافة إلى أنواع أخرى تنتجها مراكز الوزارة مثل (اللوز البري، واللوز المر، والنخيل البذري، والنخيل المروحي).

مشاركة منظمات محلية ودولية في برامج التشجير

وتعمل الوزارة وفق القائمين على مديرية الحراج، على زيادة كثافة الغطاء النباتي ومساحته، من خلال تعزيز المساهمة المجتمعية في زيادة مساحة الرقعة الحراجية من جهة، حيث بلغ عدد الغراس الحراجية المزروعة 152368 غرسة. وتتعاون مع عدد من المنظمات المحلية السورية والدولية والأممية ذات الطابع التنموي من جهة أخرى، وذلك لزيادة التشجير والمسطح الأخضر، وتنفيذ دورات تأهيل وتدريب للكوادر الفنية على التقنيات الحديثة وأساليب التحريج، وفق زريق.

يُذكر أن مشاريع التشجير ذات أثر اقتصادي كبير لعدة أسباب، حيث يذكر المختصون أنها تنعكس على دخل المزارعين، وتسهم بتوفير فرص عمل مباشرة، والحفاظ على المساحات الزراعية المنتجة، وحماية التربة من الانجراف، وتحسين قدرة الغابات على تخزين المياه الجوفية، والتكيف مع تغير المناخ، وحماية البنية التحتية.

مشاركة المقال: