المهندس نضال رشيد بكور: نحن بحاجة إلى عقل يؤسس لمستقبل سوريا ويدرس فوضى الفرص وتكالب المصالح، فالفرصة والخطر لحظة استثنائية.. فهل نحن مستعدّون؟
بعد أعوام من القيود الثقيلة والعزلة القسرية تلوح اليوم أمام السوريين فرص لا تُحصى… العقوبات تتراجع، الأسواق تنفتح، والرغبة في إعادة البناء تُشعل الحماسة في كل ركن… لكنّ التاريخ يعطينا دروساً قاسية: ليس كل فرصة تُنتهز بحكمة، ولا كل اندفاع يُفضي إلى نهضة…
في مثل هذه اللحظات.. الخطر الأعظم ليس في غياب العمل بل في حضوره العشوائي حين تتصادم المبادرات وتتكالب المصالح بلا إطار وطني جامع… البرزخ السوري بين ماضٍ لا يُطوى ومستقبل لم يولد بعد…
ثمة لحظات في التاريخ تشبه البرزخ لا هي ماضٍ يمكن طيّه ولا هي مستقبل تبلور بعد… اننا كسوريين نعيش واحدة من هذه اللحظات… فلا يكفي أن نُفكّ قيدنا عن الحاضر كي نصنع الغد… ما من مجتمع خرج من عتمة الاستبداد والعقوبات والتجزئة بلا جراح، وبلا هشاشة في منظومته النفسية والاجتماعية والاقتصادية…
فوضى المبادرات خطر داهم… أخطر ما يمكن أن يحدث هو أن تُترك ديناميكيات التغيير لعفوية الأفراد وتكالب المصالح، بلا رؤية شاملة تضبط إيقاع المسار الجديد… فنحن في عصر جديد وبعقل قديم؟
العالم من حولنا تغيّر. نهضات متوالية صناعية، تكنولوجية، رقمية… قامت ببناء بنى تحتية معرفية واقتصادية متشابكة… وحدها الأمم التي استوعبت هذا التشابك وتقدّمت نحوه بوعي جمعي هي التي نجحت في حجز مكانها في مستقبل البشرية… أما نحن، فمعزولون عن تلك الموجات، ندخل الآن إلى عالم جديد لا نحمل في جعبتنا سوى توقٍ للخلاص وخزائن فارغة من أدوات البناء المتكامل…
يتبع 9/6/2025 (موقع أخبار سوريا الوطن-٢)