الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 04:54 PM

عشر سنوات على "نستطيع فعل ذلك": ألمانيا بين النجاح والفشل في ملف دمج اللاجئين

عشر سنوات على "نستطيع فعل ذلك": ألمانيا بين النجاح والفشل في ملف دمج اللاجئين

بعد مرور عقد على مقولة المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل الشهيرة "نستطيع فعل ذلك"، التي أطلقتها خلال أزمة اللاجئين في عام 2015، أعدت قناة ZDF تقريرًا ميدانيًا يرصد نتائج التجربة الألمانية في التعامل مع اللاجئين. يكشف التقرير عن انقسام واضح بين قصص نجاح ملحوظة وإخفاقات عميقة في مسيرة الاندماج.

قبل عشر سنوات، دافعت ميركل عن سياستها في استقبال مئات الآلاف من اللاجئين، مؤكدة أن إظهار "وجه إنساني ودود في لحظات الحاجة" يجب أن يكون سمة لألمانيا. لكن السؤال المطروح اليوم هو: كيف أصبح حال ألمانيا بعد عقد من الزمن؟

تشير المعطيات إلى أن ألمانيا استقبلت لاجئين أكثر من أي دولة أوروبية أخرى. ومع ذلك، أعرب غالبية المستطلَعين عن خشيتهم من آثار الهجرة، معتبرين أن المجتمع يعيش حالة قلق حقيقية. ففي مدينة زالتسغيتر بولاية سكسونيا السفلى، تضاعف عدد السوريين ثلاث مرات منذ عام 2015، ما جعل بعض السكان يشعرون بأن مدينتهم "لم تعد كما كانت".

هيثم، وهو سوري مقيم في المدينة منذ سنوات، وصف زالتسغيتر بأنها "أشبه بمدينة عربية"، حيث يلتقي اللاجئون في الأسواق والمساجد ويعيشون حياة موازية لمجتمعهم الأصلي.

في المقابل، يظهر الواقع في ريغنسبورغ أن أعدادًا من اللاجئين متورطون في مخالفات جنائية، فيما يبقى عشرات الآلاف ممن صدرت بحقهم قرارات ترحيل في وضعية "مقبول مؤقتًا" (Duldung)، الأمر الذي يثير استياء السكان المحليين الذين كانوا في السابق من الداعمين للاجئين.

من جهة أخرى، يسلط التقرير الضوء على قصة نجاح ملهمة لشاب سوري يدعى محمد، وصل إلى ألمانيا قبل عشر سنوات عبر قوارب الهجرة، ليصبح اليوم "نيرو"، مدرسًا لمادتي الموسيقى واللغة الألمانية في مدينة فورتسبورغ. يتحدث نيرو الألمانية بطلاقة ويعتبر أن "الذكاء الحقيقي يعني القدرة على التكيف"، ليصبح مثالًا للاندماج الناجح.

ومع ذلك، تبقى حالات مثل نيرو استثناءً نادرًا. ففي إحدى المدارس الابتدائية الريفية، يتحدث ثلاثة تلاميذ فقط الألمانية كلغة أم، بينما يشكل الأطفال غير الناطقين بها الغالبية الساحقة، ما دفع المعلمات إلى التحذير من تراجع مستوى التعليم وصعوبة مواكبة الأعداد المتزايدة.

تخلص الصحفية سارة تاكه في تقريرها إلى أن ألمانيا "نجحت في إنقاذ البشر من مآسٍ إنسانية"، لكنها في المقابل تواجه تحديًا هائلًا يتمثل في الاندماج. وتؤكد تاكه أن "الاندماج يفشل عندما لا يبذل القادمون جهدًا حقيقيًا"، مشيرة إلى أن هذا الملف "يضع الدولة الألمانية أمام اختبار قاسٍ يفوق كل التوقعات".

مشاركة المقال: