في بلدة حيان الواقعة شمال مدينة حلب، لا تزال مشاهد العودة محفوفة بالمرارة. فبعد سنوات من النزوح والدمار، عادت العائلات إلى منازلها، ورغم الدمار الذي خلفه النظام البائد، إلا أنّ العائدين واجهتهم أزمة مياه خانقة.
“نعيش العودة… بلا كرامة مائية”
حول أزمة المياه في حيان، أوضح غزال عترو، عضو المجلس المحلي في البلدة ومسؤول ملف المياه، أن البلدة تعاني من شحّ مائي حادّ منذ التحرير، وقال لمنصة سوريا 24: إنّ “البنية التحتية القديمة انهارت تحت وطأة الحرب، ولم يعد بالإمكان الاعتماد على الشبكة التقليدية التي خرجت عن الخدمة بالكامل”.
ورغم الجهود المحدودة للمجلس المحلي، بحسب عترو، فإنّ المجلس لم يستطع تفعيل سوى بئر واحد فقط، لا يغطي أكثر من جزء ضئيل من الحاجة اليومية المتزايدة، كما أن تشغيله مكلف جدًا، في ظل غياب دعم تقني أو مالي. يتم توزيع المياه من هذا البئر عبر صهاريج تجوب المنطقة ليلًا ونهارًا، لكنها بالكاد تسد رمق السكان.
“الماء مكلف أكثر من الطعام”
في حديث مع أحمد أوسو، أحد أبناء البلدة، تتضح ملامح معاناة لا تنتهي، حيث أشار إلى أن البئرين الموجودين داخل حيان لا يعملان، لأنهما يحتاجان إلى غطاسات لا طاقة لأحد على شرائها. وقال لمنصة سوريا 24 إنّ “الأهالي يستجرّون المياه من قرى مجاورة كحريتان وعندان، وهي عملية مكلفة وتتطلب وقتًا طويلًا وانتظارًا مرهقًا، لا سيما في فصول الحر”.
وأضاف أن “النبعة الوحيدة المتوفرة على أطراف القرية باتت عمليًا تحت تحكّم أصحاب الصهاريج، الذين يستخدمونها تجاريًا، ولا تتوفر فيها الطاقة اللازمة لضخ المياه إلى الأهالي”. ورغم صعوبة إحداث مرحلة حل مؤقت لمشكلة المياه في البلدة من خلال النبعة، إلا أنّ أوسو يشير إلى أنّ الحديث عن استخدام ألواح الطاقة الشمسية يبدو بعيد المنال، فأسعارها باهظة، وقدرتها الإنتاجية لا تلبي الحاجة.
مشروع غير مكتمل… وأمل متوقف
كشف المجلس المحلي أن مشروع استجرار المياه من الفرات إلى حيان توقف على مشارف الإنجاز قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، إذ لم يتبق سوى مسافة قصيرة لوصول الخط إلى مشارف القرية. ومع ذلك، توقف المشروع دون أسباب واضحة، وباتت البلدة تحت رحمة الوعود المؤجلة.
العودة لا تكتمل… دون ماء
أزمة المياه في حيان ليست مجرد نقص في الخدمة، بل تهديد يومي لكرامة الناس واستقرارهم، فالأسر العائدة تعاني من فقدان الأساسيات، والماء – كعنصر أولي للحياة – أصبح معضلة تتكرر كل يوم، وتُهدد حلم العودة بالانكسار. في ظل هذا الواقع، يناشد المجلس المحلي ومعه الأهالي جميع الجهات المعنية – من المؤسسات الرسمية إلى المنظمات الإنسانية – أن يتحركوا فورًا لإنقاذ البلدة. ويشيرون إلى أنّ الأولويات واضحة، وتتلخص بـ: تأهيل الآبار المتوقفة، واستكمال خطوط الضخ من المناطق المجاورة، وتوفير وسائل تشغيل مستدامة مثل الطاقة الشمسية. ليس طلبًا للرفاهية، بل لسدّ حاجة لا تُؤجل.