الخميس, 20 نوفمبر 2025 02:50 AM

علبي في الأمم المتحدة: سوريا تؤكد حقها في السيادة الكاملة وتطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية

علبي في الأمم المتحدة: سوريا تؤكد حقها في السيادة الكاملة وتطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية

نيويورك-سانا: أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، أن سوريا تشدد على حقها الثابت في بسط سيادتها على كامل أراضيها، ورفض أي تدخل خارجي يهدد السلم الأهلي. وجدد علبي مطالبة سوريا للأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتحرك الحازم والفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيها وضمان عدم تكرارها، والالتزام الكامل باتفاق فض الاشتباك وتنفيذ القرارات الشرعية ذات الصلة.

وفي بيان له خلال جلسة لمجلس الأمن حول سوريا، قال علبي: "اسمحوا لي أن يكون خطابي اليوم عن الحاضر، لا من خلال ذكره، بل من خلال العودة بكم إلى الماضي، لنرى من خلاله الحاضر. لن أعود بكم كثيراً، بل قليلاً فقط إلى اليوم ذاته التاسع عشر من تشرين الثاني 2024، لمثل هذا اليوم قبل عام، ولنرى معاً كيف كانت سوريا في تلك الأيام، أي قبل أن يتمكن السوريون من استعادة بلادهم وتحريرها".

وأضاف علبي: "في داخل بلدي الحبيب كانت سوريا آنذاك، بلداً يحكمه الخوف والترهيب، تقيده السلاسل، تكبله الأصفاد، كان بلداً تساق مدنه واحدة تلو الأخرى إلى الدمار والخراب، لا بسبب القصف والحرب فحسب، بل بسبب غياب الأمل وضياع الأفق، كل ذلك وأكثر جراء نظام لم يتورع عن ارتكاب أبشع المجازر، حاجباً السماء برائحة ترسانته الكيميائية وبنيران أسلحته التقليدية".

وتابع: "لقد كان بلداً يسير الناس فيه فوق أسقف المعتقلات راجين ألا يكون أحدهم الاسم القادم في قوائم المغيبين قسراً وضحايا الاعتقال والتعذيب، لقد كان بلداً حلم الأغلبية العظمى من شبابه حقيبة سفر، وإن كان الثمن مقامرة فوق قوارب الموت، فالنظام البائد أقحم البلاد في حرب وحشية تركت شعباً بأكمله معلقاً بين القهر والفقر والعزلة، بلا أمل أو أفق، فوحّد ذلك النظام بالألم والقهر بين السوريين مستهدفاً كل من تجرأ على قول كلمة "لا" دون أي تمييز، حيث لم يبقَ بيت في سوريا إلا وفيه فكرة لشهيد أو معتقل أو مفقود أو لاجئ، وباتت أيام السوريين رهينة واقع يثقل حياتهم بالخوف والتغييب".

وأردف علبي: "لم تقتصر شرور النظام البائد على الشعب السوري فقط، بل تعدته إلى الإقليم والعالم، فوطّن صناعة الموت وملأ البلاد بأوكار المخدرات والكبتاغون، وحوّل معابرها إلى ممرات للإضرار بدول المنطقة وتخريب استقرارها وقتل أحلام السوريين ودمر مستقبلهم، متسبباً بهجرة ولجوء ملايين السوريين خارج البلاد، فانتشروا في أصقاع الأرض وتركوا بصماتهم المميزة في كل أرض طيبة وصلوا إليها".

وأشار إلى أن "النظام جعل من سوريا ساحة للعنف بين الأقطاب الدولية والإقليمية، وملجأ لشتى أنواع الميليشيات والجماعات، وموئلاً للتطرف والإرهاب والتحريض على العنف والكراهية، كما انتهك القوانين الدولية التي صنعتموها أنتم، وقسم المجتمع الدولي، وأهان المؤسسات الدولية كهذه، وحوّل سوريا التي كانت معبراً للحضارات الإنسانية إلى دولة مارقة تصدّر الأزمات واللاجئين".

وأضاف: "إن ما ذكرته لم يكن خيالاً ولا مشهداً تراجيدياً من مسرحية سوداوية، بل كان واقع سوريا آنذاك منذ عام فقط، وهو ما كان سيكون واقعها اليوم بل وربما أشد سوءاً، لولا قرار الشعب السوري الوقوف والإطاحة بنظام الأسد، ووضع حد لهذه الحقبة السوداء، ووسط هذا الظلام الداكن في تلك الحقبة السوداء كان هناك من يعد للحظة؛ فكان السوريون في إدلب الوفاء، على الرغم من الصعاب والتهجير، يعدون العدة ويشحذون الهمم نحو اللحظة، وفي خارج البلاد كان السوريون والسوريات الذين أبدعوا رغم محنة تهجيرهم، يتكاتفون ويحشدون الدعم الدولي حقوقياً وإنسانياً وسياسياً، وأملهم في تلك اللحظة".

وذكر علبي أن "أهلنا الصابرون في مناطق النظام البائد كانوا مترقبين لحظة الحرية ذاتها التي انتظروها لسنوات طويلة، ثم أتت اللحظة لحظة الحقيقة من خلال المعركة في مثل هذا الشهر، التي حررت البلاد في أحد عشر يوماً فقط بتنظيم قل نظيره، وبانضباط مشهود، وتضحية جسيمة، ومنهجية واضحة، حقنت الدماء وحفظت الأرواح، وأعادت البلاد نصراً لا ثأر فيه".

وأوضح: "تكلمت عن الماضي لتقارنوه أنتم، لا أنا، بالحاضر بعد أحد عشر شهراً فقط من التحرير ولن أطيل عليكم بالحديث باستعراض كل ما أنجزته سوريا بعد أحد عشر شهراً من التحرير، فلنا جلسة في الشهر المقبل، ولكن اسمحوا لي أن أشير إلى بعض ما حققته بلادي في هذا الشهر فقط، داخلياً وخارجياً".

وأشار إلى أنه "على الصعيد الداخلي، نمضي قدماً في جهود بناء دولة القانون، وهو ما تجلّى بجهود وزارتي العدل والداخلية ببدء المحاكمات العلنية والمفتوحة لعدد من الموقوفين من فلول النظام ومن العناصر المنفلتة المتهمين بارتكاب انتهاكات خلال أحداث الساحل، كما نتابع التقدم في مسار التعافي، فلأول مرة منذ أكثر من عقد، تعود الكهرباء إلى دمشق وحلب دون انقطاع".

وأضاف: "وعلى الصعيد الخارجي، كما ذكرتم أنتم، شهد هذا الشهر زيارات تاريخية ولقاءات مهمة مع عدد من قادة العالم ومسؤولي دول العالم، بما في ذلك جميع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، كما رُفع العلم السوري على سفارة سوريا في واشنطن ولندن تمهيداً لإعادة افتتاحهما، وشهد هذا الشهر أيضاً انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد داعش، في دليل إضافي على التزام سوريا بمكافحة الإرهاب وكل هذا في شهر واحد فقط".

وتابع: "إلا أنه، وعلى الرغم من الإجماع الدولي، ومن ضمنه مجلسكم الموقر، على دعم استقرار سوريا، تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية وخرقها المنهجي لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974، الاتفاق الذي أودع آنذاك في مجلسكم هذا، عبر التوغل والتمركز داخل منطقة الفصل، وإقامة نقاط عسكرية جديدة، والاعتداء على السكان السوريين من خلال المداهمات والاعتقالات التعسفية والتهجير القسري وتدمير الممتلكات وتجريف الأراضي الزراعية وحرمان الأهالي من مصدر رزقهم".

وأكد أن "إسرائيل تواصل تدخلها في الشؤون الداخلية السورية ومحاولتها تقويض السلطات الشرعية وإثارة الانقسام وضرب السلم الأهلي، وصولاً إلى الاعتداءات العسكرية التي طالت مركز دمشق وعلى الرغم من هذه الانتهاكات والاعتداءات، التزمت سوريا بالوسائل السلمية الدبلوماسية، لا المواجهة، لمعالجة أي هواجس أمنية حقيقية، مؤكدة أنها لا تشكل تهديداً لأي دولة في المنطقة، وانخرطت بشكل إيجابي في محادثات جادة مع إسرائيل بدعم مقدر من الولايات المتحدة وبمتابعة شخصية من الرئيس دونالد ترامب".

وقال علبي: "إزاء استمرار إسرائيل في اعتبار نفسها فوق القانون وازدرائها له ولميثاق الأمم المتحدة، وضربها عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية، شهدنا اليوم جولة استعراضية قام بها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المناطق التي توغل فيها جيش الاحتلال جنوب سوريا، حيث أدانت حكومة بلادي، وبأشد العبارات، هذه الجولة الاستفزازية التي تمثل امتداداً لسياسة العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد سوريا وشعبها، وجددت مطالبتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن هنا بالتحرك الحازم والفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وضمان عدم تكرارها، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والالتزام الكامل باتفاق فض الاشتباك، وتنفيذ القرارات الشرعية ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 497".

وشدد علبي على "حق سوريا الثابت في بسط سيادتها على كامل أراضيها، ورفض أي تدخل خارجي يهدد السلم الأهلي أو يحاول بائساً أن يشوش على جهود الشعب السوري لبناء مستقبل أفضل لبلاده، فقد أثبت الشعب السوري للعالم مدى صلابته وعزيمته التي لا تلين في تحقيق أهدافه".

واختتم علبي بيانه بالقول: "الزميلات والزملاء، ستزورون دمشق قريباً، وستشهدون بأنفسكم رحلة التعافي التي انطلقت بإرادة شعب ينهض رغم الجراح، ويبني دولة تسعى لتثبيت دعائم الاستقرار وبناء مستقبل يُكتب بروح جديدة تليق بشعبنا البطل، وعندما تعودون لنا جلسات أخرى لنتحدث فيها عن إنجازات هذا العام وهي أقرب للمعجزات، لنتحدث عندها عن شعب حوّل تاريخه العريق وماضيه المؤلم إلى وقود للمستقبل".

مشاركة المقال: