مع إشراقة صباح اليوم، فُتحت أبواب المدارس في مختلف المحافظات السورية، إيذانًا ببدء العام الدراسي الجديد 2025 – 2026. توافد أكثر من 4 ملايين طالب وطالبة من مختلف المراحل التعليمية إلى نحو 12 ألف مدرسة تشرف عليها وزارة التربية والتعليم.
إلا أن هذا المشهد لم يكن متطابقًا في جميع المناطق. ففي محافظة الحسكة والرقة وأجزاء من ريف دير الزور وأرياف حلب الشمالية الشرقية، مُنع افتتاح المدارس الحكومية، حيث تواصل "قوات سوريا الديمقراطية" فرض مناهج تعليمية خاصة بها في المدارس الواقعة تحت سيطرتها، بدلاً من المنهاج الحكومي المعترف به.
في حمص، سادت أجواء طبيعية مع إقبال واسع من الطلاب على مدارسهم، وسط استعدادات تنظيمية أعلنت عنها وزارة التربية. وأشار "سامر"، وهو معلم في إحدى مدارس المدينة، لمراسل سوريا 24، إلى أن "التحضيرات هذا العام كانت أفضل نسبيًا من الأعوام الماضية، لكننا لا نستطيع تجاهل الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الطلاب بسبب غلاء المستلزمات المدرسية، فتجهيز الطالب الواحد يتطلب مبالغ تفوق قدرة معظم العائلات".
أما في مدينة حلب، فقد عبّر الطلاب عن مزيج من الحماس والقلق. وقال علي الأحمد، وهو طالب في المرحلة الثانوية: "نحن متحمسون للعودة إلى مقاعد الدراسة، لكن الأسعار المرتفعة للقرطاسية واللباس المدرسي ترهق عائلاتنا، فقد كلّف تجهيز أخي وأنا معًا أكثر من مليون ليرة سورية".
من جهته، قال الطالب محمود الخطيب من ريف حلب الشمالي: "نفتقد بعض زملائنا الذين لم يلتحقوا بالمدرسة بسبب الوضع المعيشي الصعب، فالعديد من العائلات تفكر في تقليل عدد الأبناء الذين يذهبون إلى المدرسة لتخفيف النفقات".
بالتزامن مع عودة الطلاب، شهدت الأسواق حركة نشطة لشراء المستلزمات المدرسية، إلا أن الارتفاع الكبير في الأسعار أثار استياء الأهالي. وأفاد مراسلو سوريا 24 في عدة محافظات بأن كلفة تجهيز الطالب الواحد وصلت إلى نحو نصف مليون ليرة سورية (45 دولارًا أميركيًا تقريبًا)، وهو مبلغ يفوق دخل شريحة واسعة من الأسر.
المواطنون الذين التقاهم مراسلو سوريا 24 أجمعوا على ضرورة تدخل الجهات الحكومية لضبط الأسعار وتشديد الرقابة على الأسواق، معتبرين أن "التعليم لا يجب أن يتحول إلى عبء إضافي يهدد استقرار العائلات".
في المقابل، لا تزال مئات المدارس في الحسكة والرقة وأجزاء من دير الزور مغلقة أمام المنهاج الحكومي، بعدما فرضت "قسد" مناهج تعليمية خاصة بها، وهو ما اعتبره عدد من الأهالي في تلك المناطق "حرمانًا للأطفال من حقهم في التعليم المعترف به رسميًا".
تبقى أزمة التعليم في سوريا متباينة بين منطقة وأخرى، فبينما يحاول ملايين الطلاب في المحافظات الخاضعة لإشراف الحكومة متابعة عامهم الدراسي الجديد، ما زال الآلاف من أقرانهم في شمال وشرق البلاد يواجهون واقعًا مختلفًا يهدد مستقبلهم التعليمي.