الخميس, 27 نوفمبر 2025 03:19 PM

عودة سوريا إلى نظام سويفت: خطوة محورية نحو التعافي الاقتصادي واندماج مالي عالمي

عودة سوريا إلى نظام سويفت: خطوة محورية نحو التعافي الاقتصادي واندماج مالي عالمي

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، في حديث للجزيرة نت، أن استعادة المصارف السورية نشاطها الكامل والفعال ضمن شبكة سويفت يمثل منعطفاً هاماً، لما له من تداعيات اقتصادية ومالية واسعة النطاق، سواء على صعيد تسهيل حركة المدفوعات أو فيما يتعلق باستعادة الثقة مع المؤسسات الدولية.

وكان عبد القادر حصرية قد أعلن يوم الخميس الماضي عن بدء تفعيل نظام سويفت (SWIFT) وربط المصارف العاملة في سوريا بالنظام المالي العالمي، مشيراً إلى أن المصرف المركزي قد أرسل بالفعل أول رسالة "سويفت" إلى بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك.

ويرى خبراء أن عودة سوريا إلى نظام المدفوعات الدولي (سويفت) تشكل خطوة ضرورية على طريق إنعاش اقتصاد أرهقته الحرب وعزلة مالية واقتصادية فرضتها العقوبات الدولية على نظام الأسد على مدى 14 عاماً، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

ماذا يعني تفعيل نظام سويفت في سوريا؟

أوضح عبد القادر حصرية أن الربط مع شبكة سويفت العالمية سيسهم في تسريع المدفوعات الخارجية، لا سيما التحويلات التجارية ورسائل الدفع، مما يقلل الاعتماد على قنوات بديلة غالباً ما تكون بطيئة أو مكلفة. ويقدر أن هذا التطور سيدعم خفض تكاليف الواردات والصادرات، وهو ما سينعكس إيجاباً على النشاط الاقتصادي المحلي.

كما لفت حصرية إلى أن الارتباط بسويفت لا يعني بالضرورة زيادة حجم الاحتياطيات الأجنبية، ولكنه يوفر للمصارف السورية إدارة أكثر فاعلية للأرصدة الموجودة في الخارج، إلى جانب إمكانية أوسع لاستخدام أدوات التحوط والسيولة وتعدد القنوات المالية الرسمية، مما يدعم استقرار العملة الوطنية. وأضاف أن توسيع قنوات التحويل النظامية يرفع من مستوى الشفافية والثقة مع المراسلين الدوليين، ويمنح المصرف المركزي قدرة أكبر على تتبع حركة النقد الأجنبي، مما يساعد بشكل غير مباشر على تعزيز استقرار سعر الصرف.

ما هي أبعاد تفعيل نظام سويفت في سوريا؟

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور فراس شعبو أن خروج الاقتصاد السوري من نظام سويفت تسبب في عزلة كاملة عن الشبكة المالية العالمية، وأدى إلى مشكلات واسعة في الحركة الاقتصادية. ويعتبر أن عودة سوريا الكاملة لسويفت سيكون لها العديد من الأبعاد الإيجابية، فعلى مستوى الأفراد، سيصبح بالإمكان تلقي الحوالات بشكل مباشر، مما يؤدي إلى خفض عمولات التحويل والسماح بتدفق النقد الأجنبي بصورة مباشرة إلى القنوات الرسمية.

أما على مستوى الاقتصاد، فيتوقع شعبو أن تسهم عودة سوريا إلى سويفت في تشجيع الشركات والاستثمارات والمنظمات على الدخول إلى البلاد، مما يؤدي إلى زيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية في المصرف المركزي، ويحسن من سعر صرف الليرة، ويسهل التجارة الخارجية، بالإضافة إلى جعل عمليات الاستيراد تتم عبر المصارف بشكل مباشر.

ويتفق الباحث أسعد العشي مع شعبو، قائلاً إن تفعيل نظام سويفت في سوريا ينعكس مباشرة على عمل المصارف، لا سيما في تنفيذ عمليات التحويل من وإلى البلاد، مما يساهم في تشجيع المستثمرين الأجانب وجذب استثمارات جديدة. ويوضح العشي أن زيادة حجم الاستثمارات وتدفق القطع الأجنبي يمكن أن ينعكس إيجابا على قيمة الليرة السورية، وقد يفتح المجال أمام اعتمادها في عمليات التداول المرتبطة بالحوالات.

ويرى الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي أن تفعيل سويفت في سوريا له أهمية رمزية كبيرة بالنسبة لعودة سوريا إلى المنظومة المالية الدولية، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمثل إشارة واضحة إلى بدء ترميم الثقة بالنظام المصرفي السوري وإعادة فتح قنوات الاتصال مع البنوك العالمية، كما تعكس استعداد البلاد للدخول في مرحلة أكثر انفتاحا وشفافية في تدفق الأموال والتحويلات الرسمية.

من المستفيدون من إعادة تفعيل سويفت في سوريا وكيف؟

يشير قضيماتي إلى أن الجميع يستفيدون من هذه الخطوة، إذ سيجري فتح المجال للتعامل مع البنوك السورية بصورة أسهل، ما سينعكس على حجم الإيداعات بالعملة الأجنبية داخل النظام المصرفي، كما أن الحوالات الفردية للمغتربين ستنتقل الآن إلى القنوات الرسمية، ما يعزز احتياطي البلاد من العملات الأجنبية.

وفيما يخص المستثمرين، يرى الخبير أنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على السوق الموازية (السوداء) لتحويل الأموال، بل يجب أن يصبح التحويل عبر القنوات الرسمية والبنوك، الأمر الذي يمنح العملية المالية قدرا أكبر من الشفافية.

ويؤكد خبراء أن الفائدة من هذه الخطوة ستشمل كذلك المودعين والمتعاملين مع البنوك والمصارف السورية، إذ ستصبح الحوالات القادمة من الخارج أسرع وأكثر أمانا. ومع انخراط البنوك السورية مجددا في النظام المالي العالمي من المتوقع أن تزيد ثقة المودعين بالنظام المصرفي، وهو ما يشجع على بقاء الودائع أو زيادتها، كما تتيح هذه الخطوة للبنوك تقديم خدمات لم تكن متاحة سابقا مثل فتح حسابات المراسلة والبطاقات الدولية وهو ما ينعكس مباشرة على المودعين.

ما علاقة سويفت بإعادة الإعمار في سوريا؟

يعتقد خبراء أن إعادة تفعيل نظام سويفت في سوريا يمهد للانخراط بشكل أكثر فعالية في عملية إعادة الإعمار، والتي تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن تكلفتها تتراوح بين 250 و400 مليار دولار.

ويرى حاكم مصرف سوريا المركزي أن توسيع استخدام الشبكة العالمية قد يفتح الباب أمام تدفقات تمويلية قانونية، تشمل القروض التنموية والاستثمارات المشتركة وتمويل واردات معدات ومواد البناء، نظرا لسهولة تتبع المدفوعات وارتفاع مستوى الشفافية. وأشار إلى أن تحسين بيئة المدفوعات الدولية من شأنه تعزيز ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية، وزيادة قدرة البنوك السورية على استقبال التحويلات، ما يطمئن الشركات الأجنبية الراغبة بالعمل داخل البلاد.

ويؤكد أسعد العشي أن عودة سوريا إلى نظام سويفت تحمل أهمية خاصة في سياق إعادة الإعمار، إذ إن السياسة الاقتصادية للحكومة السورية تركز على جذب الاستثمار، وهو ما يتطلب وجود بيئة مصرفية صحية ومتوافقة مع المعايير الدولية الخاصة بالتحويلات المالية.

ويوضح فراس شعبو أن البلاد تدخل حاليا مرحلة إعادة إعمار، ما يجعل تفعيل النظام المصرفي ضرورة، لكنه يؤكد أن المصارف بوضعها الحالي غير صالحة للقيام بأدوارها وتحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة. ويشير شعبو إلى أن إعادة فتح السويفت يفرض على المصرف المركزي والمصارف الأخرى رفع مستوى الامتثال، وتعزيز الحوكمة، وتطبيق معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي عناصر أساسية بالنسبة للمؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من الجهات المانحة، وهنا تكمن أهمية هذه الخطوة لعملية إعادة الإعمار.

(aljazeera)

مشاركة المقال: