الجمعة, 13 يونيو 2025 01:57 AM

غضب في الرقة: مزارعون ينتقدون تسعيرة القمح الجديدة ويطالبون بدعم أكبر في ظل الجفاف

غضب في الرقة: مزارعون ينتقدون تسعيرة القمح الجديدة ويطالبون بدعم أكبر في ظل الجفاف

الإدارة الذاتية تحدد تسعيرة القمح.. والمزارعون غير راضين

أعلنت الإدارة الذاتية اليوم تسعيرة شراء محصول القمح لموسم 2025، حيث حددت سعر الكيلوغرام الواحد بـ42 سنتاً. وقد أثار هذا الإعلان ردود فعل متباينة في أوساط المزارعين في ريف الرقة، الذين عبّروا عن تباين آرائهم حول مدى عدالة التسعيرة في ظل الظروف المناخية الصعبة التي مرت بها المنطقة هذا العام، وتسببت في تراجع كبير في الإنتاج.

خسائر متراكمة بسبب الجفاف

طلال العاصي (51 عاماً)، من قرية حزيمة في ريف الرقة الشمالي، وصف التسعيرة الجديدة بأنها “مخيبة للآمال”، معتبراً أنها لا تغطي التكاليف الحقيقية للإنتاج الزراعي هذا الموسم. وأوضح في تصريح خاص لـ”سوريا 24” أن موجة الجفاف أثرت بشكل مباشر على المحاصيل، حيث انخفض الإنتاج بشكل حاد مقارنة بالسنوات السابقة. وأضاف العاصي: “بلغت تكلفة زراعة الدونم الواحد هذا العام نحو 75 دولاراً، بينما لم يتجاوز إنتاج الدونم 200 كيلوغرام. ومع هذا السعر المحدد، فإن العائد لا يغطي حتى النفقات الأساسية، ما يتركنا أمام خسائر كبيرة تهدد استمرارنا في الزراعة”.

غياب للدعم الزراعي

أما عبد العبد (40 عاماً)، من قرية الحتاش، فقد أكد في حديثه لـ”سوريا 24″ أن المشكلة لا تقتصر على التسعيرة فقط، بل تتعلق أيضاً بانعدام الدعم المقدم من الجهات المعنية للمزارعين. وأوضح أن الفلاحين يعتمدون بشكل كامل على إمكاناتهم الخاصة في شراء البذار والسماد وإصلاح قنوات الري وتأمين مستلزمات الزراعة المختلفة. وأشار العبد إلى أن المزارعين يضطرون لشراء مستلزماتهم من التجار بأسعار مرتفعة، دون أي تدخل أو دعم حكومي، ما يزيد من أعبائهم المالية. وقال: “في ظل هذه الظروف، فإن السعر العادل يجب أن يبدأ من 50 سنتاً للكيلوغرام الواحد أو أكثر حتى يتمكن الفلاح من تحقيق هامش ربح يؤمن استمرارية عمله الزراعي”. ولفت إلى أنه يدرس حالياً التوقف عن زراعة القمح والتوجه نحو المحاصيل الرعوية ذات التكاليف الأقل، إلى حين وضع آلية دعم حقيقية من قبل الجهات المعنية.

وجهة نظر مغايرة

في المقابل، عبّر عبد الواحد العلي (57 عاماً)، من قرية الحكومية، عن رأي أكثر قبولاً للتسعيرة الجديدة، معتبراً أنها “مرضية مقارنة بالعام الماضي”، حيث كان سعر شراء الكيلوغرام لا يتجاوز 32 سنتاً. لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة أن تراعي الجهات المسؤولة الظروف الاستثنائية التي مر بها الموسم الزراعي الحالي. وقال العلي: “رفع السعر إلى 42 سنتاً خطوة جيدة، لكن كان من الواجب تقديم تعويضات مالية للمزارعين المتضررين من موجة الجفاف هذا العام، لتشجيعهم على مواصلة زراعة أراضيهم وتجنب هجرتهم منها”.

الإدارة الذاتية تشرح آلية التسعير

من جهته، صرّح مصدر مسؤول في هيئة الزراعة التابعة للإدارة الذاتية لـ”سوريا 24″ أن تسعيرة القمح هذا الموسم جاءت بعد دراسة دقيقة لتكاليف الإنتاج وظروف المزارعين، مع مراعاة تحقيق هامش ربح معقول. وأوضح أن السعر الأساسي حُدد بـ35 سنتاً للكيلوغرام الواحد، تمت إضافة 7 سنتات له كمكافأة تشجيعية للفلاحين، ليصل المجموع إلى 42 سنتاً. وأضاف المصدر أن الإدارة تسعى لتحقيق توازن بين دعم المزارعين وضمان استقرار الأسعار في الأسواق المحلية، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية الراهنة في المنطقة.

مستقبل الزراعة مهدد

تباين الآراء بين المزارعين يعكس حجم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في ريف الرقة، الذي بات يواجه صعوبات متزايدة في ظل غياب الدعم الكافي، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتكرار موجات الجفاف. هذه التحديات تضع مستقبل الزراعة في المنطقة على المحك، وسط مخاوف من أن يتخلى المزيد من الفلاحين عن أراضيهم لصالح محاصيل أقل تكلفة أو لأعمال أخرى بعيداً عن الزراعة.

مشاركة المقال: