أثار القرار رقم 169 الصادر عن وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور نضال الشعار، والذي يقضي باستمرار السماح باستيراد الأحذية والملابس الجلدية بجميع أنواعها، موجة من الانتقادات في الأوساط الصناعية، خاصة في مدينة حلب التي تُعد مركزاً رئيسياً لصناعة الأحذية في سوريا. ويحدد القرار شروطاً تتعلق بالمنشأ والعلامة التجارية والجودة.
يعترض صناعيون في حلب على القرار، معتبرين أنه يزيد من تراجع الإنتاج المحلي الذي يعانون منه منذ سنوات بسبب تداعيات الحرب، وصعوبة تأمين المواد الأولية، وتقلص الأسواق الداخلية والخارجية. وجاء القرار مخالفاً لمطالب أصحاب الورش والصناعيين في حلب، الذين عبروا عن قلقهم من تأثير البضائع المستوردة، خصوصاً القادمة من الصين، على قدرتهم التنافسية، وذلك خلال مظاهرة سلمية في حي الصالحين بحلب.
طالب المحتجون بفرض قيود صارمة على الاستيراد لحماية الصناعة المحلية، وتوفير فرص العمل، والحفاظ على التوازن الاقتصادي. وفي محاولة لطمأنة المنتجين، ألزم القرار الجديد بأن تحمل كل قطعة جلدية مستوردة ختمًا واضحًا من الداخل والخارج يوضح بلد المنشأ واسم الشركة المصنعة، بهدف مكافحة الغش التجاري وتعزيز الشفافية.
تضمّن القرار أيضاً فرض رسوم حمائية على الأحذية الجلدية الجاهزة وأوجه الأحذية، اعتباراً من الأول من سبتمبر 2025، بهدف تحقيق توازن بين حماية المنتج المحلي وضمان المنافسة العادلة. كما كُلّفت الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتحقق من مطابقة المنتجات المستوردة والمحلية للمواصفات القياسية السورية، مع بدء تطبيق عقوبات صارمة بحق المخالفين اعتباراً من الأول من أكتوبر 2025.
عبّر عدد من الصناعيين في حلب عن خشيتهم من أن استمرار فتح باب الاستيراد سيؤدي إلى تراجع قدرتهم على المنافسة، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي مقارنة بالمستورد. وأبدوا قلقهم من أن تتحول الرسوم الحمائية إلى إجراء شكلي إذا لم تُرافق بسياسات داعمة للإنتاج، مثل توفير المواد الأولية بأسعار مدعومة وتسهيل القروض التشغيلية.
في المقابل، يرى بعض التجار والمستوردين أن القرار يساهم في تنويع المنتجات المتاحة في السوق، ويحفّز المنتج المحلي على تحسين الجودة والمعايير. لكن هذه الرؤية تصطدم بواقع ضعف البنية التحتية الصناعية، وغياب الاستثمارات الجديدة، والعقوبات التي أثرت سلباً على قطاع الصناعات الجلدية.
مع دخول الرسوم الحمائية حيز التنفيذ، يُتوقع أن ترتفع أسعار المنتجات الجلدية في السوق المحلية، ما يزيد من الأعباء على المستهلكين في ظل ضعف القدرة الشرائية. ويعكس القرار تناقضاً في السياسات الحكومية، التي تدعو لدعم الصناعة المحلية، لكنها في الوقت نفسه تفتح المجال أمام منتجات مستوردة بأسعار منافسة، مما يضع الصناعيين في مواجهة غير متكافئة.
طالبت ورشات الأحذية في حلب مراراً بوقف الاستيراد مؤقتاً، لمنحها فرصة لإعادة ترتيب أوضاعها واستعادة قدرتها الإنتاجية، وسط دعوات متزايدة لوضع استراتيجية واضحة لدعم الصناعة الوطنية بشكل فعّال.
الحل نت