قصة أول ليرة سورية: توقيع كبار رجالات الدولة وتصميم فني أذهل العالم
في عام 1958، تم إصدار أول عملة سورية تحمل اسم "مصرف سوريا المركزي"، وهي تُعتبر واحدة من أجمل وأرقى الإصدارات في تاريخ العملة السورية بفضل تصميمها الفني المتميز ورمزيتها العالية.
## تصميم مميز بطابع عالمي
هذه العملة صممها الفنان والدبلوماسي السوري خالد العسلي، وتم طباعتها في شركة "رويال يوهانس إنشيدي" الهولندية، التي تُعد من أعرق الشركات العالمية في طباعة النقود.
## توقيعات رجالات سوريا البارزين
حمل هذا الإصدار توقيع شخصيتين بارزتين في التاريخ السوري:
- **عزة الطرابلسي**: الحاكم الأول لمصرف سوريا المركزي ومؤسسه.
- **خالد بيك العظم**: نائب رئيس مجلس الوزراء حينها، الذي وقع الورقة بصفته وزيراً للمالية، رغم شغل الدكتور أسعد محاسن للمنصب فعلياً في ذلك الوقت.
في تلك الفترة، كانت الليرة السورية ذات قيمة اقتصادية قوية، حيث بلغت 2.19 دولار أمريكي.
## وجوه الشعب السوري في تصميم العملة
صور الأفراد الذين يمثلون طبقات المجتمع المنتجة زينت العملة:
- على فئات الليرة والخمس ليرات والعشر ليرات، ظهرت صورة **العامل دياب عبد الله فارس** من مدينة حرستا.
- أما فئات الـ25، 50، و100 ليرة، فقد زينتها صورة **الفتاة دامي الديوب**، التي عُرفت بجمالها وصوتها العذب، أثناء عملها في جني القطن.
اختارت اللجنة المكلفة بتصميم العملة هذين الشخصين بعد زيارة ميدانية للمواقع الصناعية والزراعية، لتجسيد رموز الإنتاج المحلي مثل زجاج دمشق وقطن الغاب.
## معالم سوريا على ظهر العملة
ظهر الوجه الخلفي للعملة مزيناً بمعالم سورية بارزة، منها:
- المسجد الأموي في دمشق.
- قلعة حلب.
- نواعير حماة.
- قصر العظم.
## ظهور فئة الـ500 ليرة لأول مرة
تميز هذا الإصدار بظهور فئة 500 ليرة سورية للمرة الأولى، والتي عُرفت باسم "أم الطربوش" بسبب ضخامة حجمها:
- الوجه الأمامي يحمل صورة الأميرة الكنعانية ملقارت من أوغاريت، وفي الوسط الإلهة عشتار.
- الوجه الخلفي تضمن رسومات مستوحاة من آثار القرن الخامس عشر قبل الميلاد، مع أحرف الأبجدية الأوغاريتية.
ورغم جمال تصميمها، إلا أن هذه الفئة لم تُستخدم على نطاق واسع، بل اقتصرت على التداول البنكي.
## تغييرات لاحقة
في عامي 1976 و1977، تم تحديث تصميم فئات 25، 50، و100 ليرة، وتبعها لاحقاً استبدال الفئات الأصغر. أما فئة 500 ليرة، فقد استمرت بتصميمها القديم حتى عام 1992.
## إرث نقدي خالد
يبقى إصدار عام 1958 شهادة على مرحلة ذهبية في تاريخ النقد السوري، حيث جمعت العملة بين الفن الراقي والهوية الوطنية، مؤكدةً على عبقرية تصميم خالد العسلي وبصمات خالد بيك العظم وعزة بك الطرابلسي في الاقتصاد السوري.
