حماة-سانا: تتربع قلعة مصياف كرمز للفخر المعماري الإسلامي في قلب الطبيعة السورية الخلابة، شاهدة على براعة الأجداد في فنون الهندسة والدفاع. شامخة على تلة صخرية، تبرز كإحدى القلاع السورية النادرة التي حافظت على هيكلها الدفاعي الخارجي الأصيل.
اليوم، تتجاوز القلعة كونها مجرد أحجار متراصة، لتتحول إلى متحف مفتوح يأسر الألباب بجمال تصميمه ويستقطب الزوار من كل مكان.
تاريخ القلعة العريق
الخبير الأثري عبد الله بصل، وفي تصريح لمراسل سانا من داخل القلعة، سلط الضوء على البعد التاريخي للقلعة، مشيراً إلى أنه بعد الفتوحات الإسلامية وهجرة القبائل العربية إلى سوريا، تم بناء العديد من القلاع، بما في ذلك قلعة مصياف التي تأسست في نهاية القرن التاسع الميلادي على تلة صخرية لتكون حصناً منيعاً ضد الغزاة.
اكتسبت القلعة طابعها الهندسي الحالي منذ عام 1140م، وشهدت بناء سورها الخارجي بالكامل وأبراجها الدفاعية الفريدة من نوعها في العمارة العسكرية الإسلامية. هذه البراعة الهندسية هي التي جعلتها صامدة على مدى تسعة قرون، رغم تعاقب الإمارات والحروب.
أبراج صامدة منذ تسعة قرون
وفقاً للخبير عبد الله بصل، تتميز القلعة بطول يبلغ 120 متراً وعرض 55 متراً وارتفاع يزيد على 25 متراً. تتألف من ست طبقات تعود إلى حقب تاريخية مختلفة، وتضم حصناً داخلياً ("كاستروم") محاطاً بسور خارجي تتخلله سبعة أبراج دفاعية رئيسية موزعة بشكل استراتيجي. اللافت للنظر هو صمود هذه الأبراج على الرغم من مرور تسعة قرون.
رفى زينو، المختصة في الشؤون السياحية، أوضحت في تصريح مماثل لـ سانا أن قلعة مصياف تحظى بأهمية سياحية كبيرة تتجلى في عظمة التصميم المعماري الإسلامي، وجمال الطبيعة المحيطة بالقلعة، والموقع الاستراتيجي الذي يربط الساحل بالداخل السوري.
جولة في أرجاء القلعة
يستمتع زوار القلعة اليوم بتسلق الأبراج الدفاعية التي يبلغ ارتفاعها 25 متراً، والتجول في الأقبية الداخلية والممرات السرية التي تربط الطبقات الست مع القاعات الداخلية. كما يمكنهم مشاهدة النقوش التاريخية على حجارة القلعة التي تروي قروناً من التاريخ، بحسب زينو.
وأشارت زينو إلى أهمية تنشيط الجانب السياحي في محيط القلعة من خلال تنظيم حفلات موسيقية تراثية، وإضاءة القلعة ليلاً لإبراز جمالها المعماري، وتطبيق نظام السياحة الخضراء مع الترخيص للمطاعم والمقاهي في محيطها، وإنشاء نظام إلكتروني لجمع ملاحظات الزوار وتقييمها، معتبرة أن هذه القضايا ضرورية للنهوض بالواقع السياحي للقلعة.
عدد من زوار القلعة الذين التقتهم سانا أكدوا أن التجول في قلعة مصياف ليس مجرد رحلة عادية، بل هو رحلة إلى قلب التاريخ، حيث يمكن للمرء أن يلمس عظمة التاريخ الإسلامي، مطالبين بتطوير محيط القلعة ليصبح وجهة سياحية غنية.