السبت, 27 سبتمبر 2025 11:14 AM

كوباني: تزايد حوادث عضة الكلاب الشاردة يثير الذعر والمطالبات بحلول عاجلة

كوباني: تزايد حوادث عضة الكلاب الشاردة يثير الذعر والمطالبات بحلول عاجلة

فتاح عيسى – كوباني

تشهد مدينة كوباني ارتفاعًا مقلقًا في أعداد الكلاب الشاردة خلال الأشهر الأخيرة، مما أثار مخاوف واسعة بين السكان، خاصة مع تكرار حوادث مهاجمة الأطفال وتسجيل مئات الإصابات بـ "عضة الكلب" في مشفى المدينة. ومع بداية العام الدراسي، تفاقمت المشكلة، حيث يضطر العديد من الأهالي إلى مرافقة أطفالهم إلى المدارس خوفًا من هجمات الكلاب، بينما يطالب السكان البلدية بإيجاد حلول فورية قبل تفاقم الوضع.

مخاوف على الأطفال

تقول فيدان حمو (35 عامًا)، وهي أم لخمسة أطفال، لنورث برس، إن معاناتهم اليومية من الكلاب الشاردة ازدادت مع بداية العام الدراسي، فالأطفال يستيقظون مبكرًا للذهاب إلى المدرسة لكنهم يرفضون الخروج بمفردهم خوفًا من الكلاب المنتشرة بكثرة في أحياء المدينة. وتضيف حمو أن هذا الوضع يجبرها على مرافقة أطفالها يوميًا لمسافة طويلة، تاركة طفلتها الصغيرة في المنزل بمفردها، لتجدها تبكي أثناء عودتها. وتشير حمو إلى أن الخوف من الكلاب لم يعد يقتصر على طريق المدرسة فقط، بل امتد إلى تفاصيل الحياة اليومية، وحتى في أبسط الأمور مثل إرسال الأطفال إلى المحلات القريبة لشراء حاجيات بسيطة. وتتابع حمو أن أطفالها يرفضون مغادرة المنزل عند حلول المساء، لأنهم يدركون أن الكلاب تتحرك بحرية أكبر في الشوارع خلال الليل، مما جعل الأسرة غير قادرة على الاعتماد على الأطفال في أي مهمة خارج المنزل. وتشير حمو إلى أن تزايد عدد الكلاب في الحي جعل السكان يتساءلون عن مصدرها، فبعضهم يعتقد أنها تأتي من المناطق الحدودية، بينما لا يوجد أي إجراء من البلدية للحد من انتشارها.

وفي أيار/ مايو 2020، فقد الطفل فرحان سعدو (13عاماً) حياته بعد شهر من تعرضه لعضة كلب مسعور حين كان يلعب مع أقرانه في إحدى ساحات قرية “كلته” بريف كوباني الجنوبي. وفي العاشر من شهر آب/ أغسطس الفائت تعرض الطفل عمر محمود الشعبو (10سنوات) لعضة كلب مع أطفال آخرين في قريته “بئر حبش” 45كم شرقي كوباني، ما أدى لوفاته لاحقا في 12 أيلول الجاري بسبب تأخر تقديم العلاج له.

مخاوف نفسية لدى الأطفال

وتذكر حمو أن مخاوف الأطفال تحولت لمخاوف نفسية تؤرقهم أثناء النوم، لافتة إلى أن مسؤولية معالجة هذه الظاهرة تقع على الجهات المعنية في المدينة.

من جانبه، يقول بوزان قاسو (42 عاماً)، وهو أحد سكان حي الجمارك في مدينة كوباني، إنهم يواجهون صعوبات بسبب الكلاب الشاردة، حيث أن أطفاله يضطرون أحيانًا للعودة إلى المنزل قبل وصولهم إلى المدرسة نتيجة مهاجمتهم من قبل الكلاب.

إرباك للأسرة

ويضيف قاسو أن ذلك يسبب له ولأسرته إرباكًا كبيرًا، إذ يضطر إما هو أو زوجته لمرافقتهم من جديد، رغم أنهم مضطرون للذهاب إلى العمل في ساعات الصباح. ويتابع قاسو أن المشكلة لا تقتصر على طريق المدرسة فحسب، بل تمتد إلى الأحياء والأسواق التي يرتادها الأطفال، مثل منطقة الكراج التي تشهد تجمعًا كبيرًا للكلاب. ويرى قاسو أن هذا الوضع جعل الأطفال غير قادرين على الحركة بحرية داخل المدينة، الأمر الذي حرمهم من ممارسة حياتهم الطبيعية وأفقدهم ثقتهم في الخروج من المنزل بمفردهم. ويشير قاسو إلى أن تكرار هذه الحوادث يولّد شعورًا دائمًا بعدم الاطمئنان لدى السكان، حيث يعيشون في قلق مستمر من احتمال تعرض أبنائهم لهجوم مفاجئ. ويضيف قاسو أن المشكلة تحولت إلى قضية عامة تمس جميع سكان كوباني، وليس مجرد معاناة فردية.

مئات الإصابات

بدوره يقول الدكتور توفيق شيخ أحمد، وهو مدير مشفى كوباني، إن الأرقام المسجلة في المشفى تكشف حجم المشكلة؛ فمنذ بداية العام الجاري وحتى مطلع شهر أيلول/ سبتمبر، استقبل المشفى نحو 580 حالة عضة كلب من المدينة وريفها. ويضيف شيخ أحمد أن هذه الحالات تعالج بشكل مجاني في المشفى، إلا أن تكلفة العلاج مرتفعة للغاية، حيث تصل إلى نحو 400 ألف ليرة سورية لكل حالة، مما يشكل عبئًا كبيرًا على المشفى وهيئة الصحة. ويشير شيخ أحمد إلى أن العلاج يعتمد على إعطاء المصاب أربع جرعات من المصل في أيام محددة (اليوم صفر، اليوم الثالث، اليوم السابع، واليوم الثامن والعشرين)، محذرًا من أن أي تأخير في تلقي العلاج قد يجعل التدخل غير مجدٍ، خاصة في الحالات التي تكون الإصابة فيها في اليد أو الرقبة، إذ ينتقل الفيروس بسرعة إلى الدماغ. ويتابع شيخ حمد أن الإصابات في القدم أو الساق تأخذ وقتًا أطول لانتقال الفيروس، إلا أنها تبقى خطيرة وتتطلب العلاج الفوري. وينصح شيخ أحمد، السكان، بأن الخطوة الأولى عند التعرض للعضة هي غسل مكان الإصابة جيدًا بالماء والصابون، ووضع شاش معقم في حال وجود نزيف والضغط عليه حتى يتوقف النزيغ، قبل التوجه إلى المشفى. ويحذر شيخ أحمد من الاستهانة بهذه الإصابات أو الانتظار لمعرفة ما إذا كانت مؤذية، مؤكدًا أن أي تأخير قد يؤدي إلى عواقب لا يمكن تداركها لاحقًا. ويؤكد شيخ أحمد أن الكلاب الضالة لا تشكل خطرًا على الصحة العامة فحسب، بل باتت مصدر قلق نفسي واجتماعي للسكان، خاصة مع تزايد أعدادها بشكل واضح في المدينة والريف. وينوه شيخ أحمد إلى اهمية إيجاد حل لهذه المشكلة لأنها ضرورة ملحّة لحماية السكان وأطفالهم من خطر يهدد حياتهم اليومية.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: