الإثنين, 29 سبتمبر 2025 08:35 PM

لجنة "الغصب البيّن" في دير الزور تبدأ عملها: هل تعيد الحقوق لأصحابها أم تزيد التعقيدات؟

لجنة "الغصب البيّن" في دير الزور تبدأ عملها: هل تعيد الحقوق لأصحابها أم تزيد التعقيدات؟

أعلنت الأمانة العامة لمحافظة دير الزور عن انطلاق عمل لجنة "الغصب البيّن"، المكلفة باستقبال الشكاوى المتعلقة بحالات الاستيلاء غير المشروع على العقارات والحقوق العينية العقارية. وتهدف هذه الخطوة، وفقًا للمحافظة، إلى حماية حقوق المواطنين والحفاظ على الملكيات الخاصة، خاصة بعد سنوات شهدت فيها المدينة وضواحيها تعديات واسعة على الأملاك العامة والخاصة.

أفاد البيان الصادر بأنه يمكن تقديم الشكاوى عبر الديوان العام في مبنى المحافظة، حيث تتولى اللجنة دراسة الطلبات المستوفية للشروط والمتعلقة بمسائل "الغصب البيّن". ويشترط على المالك أو وليه القانوني أو أحد الورثة تقديم الوثائق الثبوتية اللازمة، مثل صورة عن الهوية الشخصية ووثيقة ملكية أو حصر إرث مصدق، بالإضافة إلى طلب خطي. وفي حال تعدد الورثة أو المالكين، يجب إرفاق تفويض رسمي مصدق من بقية الشركاء في الملكية.

أوضح مصدر في مكتب العلاقات العامة بمجلس محافظة دير الزور أن اللجنة أنشئت لمعالجة "حقوق مغتصبة في حقبة النظام البائد، عندما استولى الشبيحة على ممتلكات خاصة وعقارات مختلفة"، مشيرًا إلى أن الهدف هو إعادة الحقوق لأصحابها أو فتح باب قانوني لتسوية النزاعات.

أثار الإعلان عن بدء عمل اللجنة نقاشًا واسعًا، بين من يرى فيها خطوة طال انتظارها لإنصاف الأهالي، ومن يخشى أن تتحول إلى مسار معقد يصعب معه استرجاع الحقوق. بشار الحسن، أحد سكان المدينة، يرى أن نسبة العقارات المغصوبة في دير الزور "أقل مقارنة بمحافظات أخرى"، لكنه شدد على أن "الأضرار هنا نوعية، فقد تم الاستيلاء على عقارات كبيرة وتاريخية ضمن المدينة القديمة، إضافة إلى أراضٍ تقع على السرير النهري للفرات". وأشار إلى أن اللجنة ستواجه تحديًا كبيرًا في محاولة استرداد هذه الأملاك، خاصة وأن "النظام السابق باع بعضها لمستثمرين، ما خلق حالة من الجدل العشائري والمناطقي، فضلاً عن مشاكل قانونية يصعب حلها حاليًا".

أشار مسعود أبو عابد، وهو من أهالي دير الزور أيضًا، إلى أن "من أبرز الأملاك المغتصبة فلل مجلس المدينة في الضاحية، فضلاً عن بيوت متفرقة في الأحياء التي لم تتعرض للتدمير". وانتقد المعايير التي تعتمدها اللجنة، واصفًا إياها بـ"التعجيزية"، موضحًا أن "أغلب سندات الملكية إما مسروقة أو مفقودة، كما أن جزءًا كبيرًا من بيانات السجل العقاري احترق خلال الحرب". وأضاف أن تقديم الطلبات مشروط بحضور المالك أو وكيله الرسمي، في وقت تعطلت فيه الوكالات لسنوات طويلة، قبل أن يُسمح مؤخرًا بإعادة تفعيلها: "هذه الشروط تجعل من استعادة الحقوق مسألة شديدة التعقيد، وقد تحبط الكثير من الأهالي".

مع انطلاق عمل اللجنة، يجد أهالي دير الزور أنفسهم بين تفاؤل بوجود مسار رسمي لاستعادة ما سُلب منهم، وبين تشكيك في إمكانية تجاوز العقبات القانونية والإدارية التي تراكمت خلال سنوات طويلة. وبينما يرى مؤيدو اللجنة أنها خطوة أولى نحو إعادة الاعتبار لأصحاب الحقوق، يعتبر آخرون أنها قد تفتح ملفات حساسة تزيد من التوترات الاجتماعية والمناطقية. وفي ظل هذا التباين، يبقى نجاح اللجنة مرهونًا بقدرتها على إيجاد حلول عملية توازن بين المعايير القانونية الصارمة والواقع المعقد للملكية العقارية في دير الزور.

مشاركة المقال: