الإثنين, 1 سبتمبر 2025 04:21 PM

لماذا يفكر سوريون في مغادرة ألمانيا بعد سنوات من اللجوء؟ الوحدة والعزلة أبرز الأسباب

لماذا يفكر سوريون في مغادرة ألمانيا بعد سنوات من اللجوء؟ الوحدة والعزلة أبرز الأسباب

على الرغم من تقدير العديد من اللاجئين السوريين للدعم الذي قدمته لهم ألمانيا، بما في ذلك الأمان والفرص المتاحة، إلا أن مشاعر العزلة والاغتراب تتزايد بين بعضهم. هذا الواقع يدفع البعض إلى التفكير في الرحيل، سواء بالعودة إلى سوريا أو الانتقال إلى بلدان أخرى بحثًا عن حياة أفضل.

يقول أنس (اسم مستعار)، وهو واحد من حوالي مليون سوري يعيشون في ألمانيا بشكل قانوني وفقًا لبيانات المكتب الاتحادي للإحصاء، إن هناك أسبابًا تدفع اللاجئين والمهاجرين للتفكير في مغادرة ألمانيا. ويضيف: "نحن ممتنون لألمانيا، خاصة أولئك الذين عانوا ويلات الحرب، وقد بذل جزء كبير منا جهودًا حقيقية للاندماج رغم الظروف الصعبة".

منذ عام 2015، كانت ألمانيا وجهة لآلاف المهاجرين وطالبي اللجوء الذين اضطروا إلى ترك بلدانهم بسبب الظروف الصعبة. ومع ذلك، تشير إحصائيات حديثة إلى تغييرات مثيرة للاهتمام. كشفت دراسة حديثة لمعهد أبحاث التوظيف التابع لوكالة التوظيف الاتحادية أن "حوالي 2.6 مليون شخص فكروا بالفعل في مغادرة ألمانيا، وأن 300 ألف شخص لديهم خطط ملموسة للهجرة".

في حوار مع DW عربية، يربط أنس بين "شعور بالوحدة والعزلة القاتلة في ألمانيا" و"الضغوط النفسية التي يحملها السوريون معهم من الحرب في سوريا". ويقول: "معظم السوريين هنا لديهم شعور بعدم التواصل مع أي شخص آخر. هناك دائمًا شعور بأننا نعيش بمفردنا بلا حياة اجتماعية، وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لانتقاد البعض للحياة في ألمانيا. فبدون هذا الشعور بالعزلة الاجتماعية، أتوقع أن يكون الوجع أقل".

على الرغم من حصول أنس على الجنسية الألمانية، إلا أنه يفكر في الرحيل لأسباب مهنية، حيث يبحث عن فرص عمل مناسبة تتيح له حياة أفضل. ويقول: "بالنسبة لي الدافع مهني بشكل بحت. يمكنني محاولة التغلب على المصاعب الاجتماعية بشكل ما. أنا اعتدت على الحياة هنا وليس بيدي تغيير الكثير فيها. بالتالي إن أُتيحت لي فرصة عمل جيدة تناسبني، يمكنني حينها التغلب على الجانب الاجتماعي ومحاولة الوصول لحلول ما بشأنه".

أما أحمد (اسم مستعار)، فيرجع رغبته في الرحيل إلى عدم تمكنه من التغلب على التحدي الاجتماعي. بعد رحلة طويلة بدأت من سوريا إلى الجزائر، ثم المغرب، ثم إسبانيا، وصل أحمد أخيرًا إلى ألمانيا. بعد حصوله على حق اللجوء وتعلم اللغة، استقر أحمد تدريجيًا، حيث وجد فرصة عمل في مدينة بون وتمكن من استئجار مسكن مناسب. لكنه لم يتمكن من العثور على شريكة حياته. ويقول في حوار مع DW عربية: "لم أتمكن من الزواج في ألمانيا، كان من الصعب أن أجد فتاة مناسبة لي نظرًا لانخفاض أعداد الفتيات السوريات التي انتقلن للعيش بها. وحتى إن رغبت في الزواج من ألمانية، لن أتمكن من التفاهم معها".

أحمد، البالغ من العمر 37 عامًا، حصل على الجنسية الألمانية لكنه يفكر جديًا في الانتقال للعيش في سوريا. ويقول: "لا أرغب في العيش في ألمانيا. ليست بلدي ولم اعتد على الحياة بها ولم أندمج فيها. لا يوجد حياة اجتماعية هنا بالمرة. أعيش في هذه المدينة لأكثر من ست سنوات، وحياتي ليست سوى الحركة من المنزل للعمل ومن العمل للمنزل فقط لا غير مثل الروبوت". ويضيف: "تجربتي في ألمانيا كانت صعبة، لا أحب العيش بها لكني كنت مضطرا لذلك. أما الآن، تغير الوضع في سوريا وانتهت الحرب ويمكنني العودة والمساعدة في إعادة بناء البلد، كما أنني أرغب في الزواج من فتاة مناسبة ربما أتمكن من العثور عليها في سوريا".

وفقًا لمعهد أبحاث التوظيف التابع لوكالة التوظيف الاتحادية، يرغب حوالي نصف الذين لا يرغبون في البقاء في العودة إلى بلدهم الأصلي، بينما يرغب النصف الآخر في الانتقال إلى بلد آخر.

على عكس أحمد، يصف بهاء (اسم مستعار) تجربته في ألمانيا بأنها إيجابية بشكل عام. ويقول في حوار مع DW عربية: "حياتي لم تختلف كثيرا قبل وبعد الحصول على الجنسية الألمانية، وكان يمكنني إكمال حياتي هنا بدونها. لكن مع الخوف من حدوث أي تغير سياسي ووقوع أي مشاكل، أصبحت الجنسية بالنسبة لي هي صمام الأمان".

دراسة أجراها المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية في برلين كشفت أن الشعور بالترحيب بين اللاجئين المقيمين في ألمانيا يتراجع بشكل مطرد. ويرى بهاء، البالغ من العمر 32 عامًا، أن من الطبيعي المرور بمواقف سلبية أو لقاء أشخاص سيئين دون أن ينفي ذلك كون ألمانيا "بلد ممتاز". إلا أنه لا يخفي الحيرة التي تصيبه أحيانًا بشأن الحياة هنا حيث يقول: "نشعر بالحنين لبلادنا، فنحن خرجنا منها مجبورين وليس مخيرين. الأهل والأصدقاء والإخوة موجودون هناك، وتراودني كثيرًا فكرة العودة… لكني استنتجت أن ألمانيا تمثل لي حاليًا على الأقل الاستقرار وفرصه العمل والحياة التي اعتدتها والروتين اليومي والقواعد والقوانين التي صرت ألتزم بها".

وهكذا، تخطر فكرة المغادرة على بال كريم من وقت لآخر، ويبحث عن فرص عمل في دول أخرى ويجري الكثير من المقارانات، لكنه حتى الآن لم يتخذ قرار نهائي بالرحيل. (DW)

مشاركة المقال: