في خطوة إنسانية رمزية تحمل في طياتها بذور الأمل والتواصل، أطلقت مؤسسة “جوا” للعدالة والحقيقة، بالتعاون مع مجموعة من المتطوعين والميسرين الشباب، مبادرة خاصة تحمل عنوان “رسائل سلام إلى كفر نبودة”. وتضمنت الفعالية دعوة مجموعة من اليافعين في مدينة سلمية، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً، إلى المشاركة بإرسال رسائل صداقة وسلام لأبناء قرية كفر نبودة المهجّرة والمتضررة بشدة خلال السنوات الماضية.
المبادرة، التي انطلقت ضمن إطار عمل إنساني مستمر منذ عام 2012، تهدف إلى تعزيز قيم التواصل والانتماء المشترك بين الأطفال واليافعين من مناطق مختلفة، وإعادة بناء الجسور بين المجتمعات التي فرّقها النزاع. وتسعى المؤسسة إلى جمع هذه الرسائل وتسليمها لعائلات وأطفال كفر نبودة، سواء كانوا في أماكن تهجيرهم أو في المناطق القريبة التي عاد إليها بعض الأهالي تدريجياً.
العودة ليست مشروعاً بل رسالة إنسانية
وأكدت إيمان ناصر، رئيسة مجلس إدارة مؤسسة “جوا”، في حديث لمنصة سوريا 24، أن فكرة المبادرة وُلدت من قلب المعاناة المشتركة، ومن واجب أخلاقي تجاه الأطفال واليافعين الذين عاشوا ظروفاً مختلفة. وقالت: “نحن كمؤسسة نعمل منذ عام 2012 على قضايا العدالة والحقيقة، ونؤمن أن العودة ليست فقط مشروعاً تنظيمياً، بل هي رسالة وواجب إنساني لا يمكن أن يُفصل عن التعاطف والمشاعر الحقيقية”. وأضافت: “وجدنا أن الأطفال واليافعين هم أكثر من يستحق أن يشاركوا في هذا الحوار، لأنهم سيكونون عماد المستقبل، ويجب أن يكبروا وهم يحملون قيم التواصل والمحبة”. وتابعت: “اخترنا كفر نبودة لأنها كانت من القرى الأكثر تضرراً، ولأن لدينا نوعاً من الاتصال الأولي مع بعض أهلها. الفكرة بدأت بأن نحكي لليافعين قصة كفر نبودة، كيف أُجبر الناس على ترك ديارهم، وما زالوا ينتظرون حقهم في العودة. ومن ثم نشجعهم على كتابة رسائل سلام، لنأخذها معنا ونسلّمها بأيدينا”.
زراعة الانتماء الإيجابي
من جهتها، أشارت الميسّرة إيمان الضحاك، في حديث لمنصة سوريا 24، إلى أهمية مشاركة اليافعين في مثل هذه المبادرات، لافتة إلى أنها تمثل خطوة مهمة في التربية على قيم التعايش والاحترام المتبادل. وقالت: “إشراك اليافعين في كتابة رسائل سلام ليس مجرد نشاط ترفيهي، بل هو عملية تربوية عميقة. هذه المبادرات تزرع بذور الانتماء الإيجابي، وتعيد بناء الثقة بين المجتمعات التي فرّقها النزاع، وهي ممارسة رمزية تحمل تأثيراً حقيقياً في تشكيل جيل جديد يحمل قيم الحوار والسلام”.
نوافذ أمل حقيقية
بدورها، رأت الكاتبة والناشطة الاجتماعية ليال خربيط، في حديث لمنصة سوريا 24، أن المبادرة تحمل بُعداً وجدانياً عميقاً. وقالت: “هذه مبادرة إنسانية تُعزز التواصل بين المجتمعات السورية، وتشجع الجيل الشاب على التعبير عن نفسه بأدوات سلمية بعيدة عن العنف والاحتقان. إنها نوافذ أمل حقيقية تُفتح أمام أطياف الشعب السوري لتتقارب من جديد، وتكشف أن السلام الحقيقي يبدأ من كلمات بسيطة تخرج من القلب”.
كل رسالة نكتبها اليوم هي أمل للغد
وتقوم الحملة على فكرة جمع الرسائل وفرزها، ليتم بعد ذلك زيارة قرية كفر نبودة أو التواصل مع العائلات المهجّرة منها لتسليم الرسائل بشكل مباشر. وتقول المؤسسة إن كل رسالة تُكتب اليوم قد تكون بذرة أمل لمستقبل مختلف، ومفتاحاً لباب لم يُغلق بعد.