انطلقت في دمشق فعاليات المنتدى الاقتصادي السوري الكوري الأول، برعاية مشتركة من وزارتي الخارجية والمغتربين والاقتصاد والصناعة، وبالتعاون مع سفارة جمهورية كوريا الجنوبية في لبنان والوكالة الكورية للترويج التجاري والاستثمار "كوترا". وقد استضاف فندق البوابات السبع هذا الحدث الهام.
يهدف المنتدى إلى استكشاف آفاق التعاون المشترك في جهود إعادة الإعمار، والبحث عن شراكات تجارية مثمرة، وتبادل الخبرات بين البلدين.
مسارات التعاون الاستراتيجي
أكد وزير الاقتصاد والصناعة نضال الشعار في كلمته أن الصناعات المتقدمة، ونقل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية الذكية، بالإضافة إلى التعليم والتدريب وبناء الكفاءات، تمثل مسارات واعدة لتأسيس تعاون استراتيجي بين سوريا وكوريا. وأشار إلى استمرار العمل على تثبيت الاستقرار الاقتصادي، وتطوير البيئة التشريعية، ودعم القطاعات الإنتاجية لتعزيز قدرة الاقتصاد السوري على التصدير والانفتاح على العالم.
وشدد الوزير الشعار على التزام الحكومة السورية بتوفير كافة المتطلبات اللازمة لإنجاح الشراكات الجادة، وتسهيل الاستثمارات الكورية النوعية، وتحويل هذا المنتدى إلى نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية السورية الكورية.
البحث عن شراكات حقيقية
أوضح مدير إدارة الشؤون الأفروآسيوية وأوقيانوسيا في وزارة الخارجية والمغتربين محمد زكريا لبابيدي، في كلمة نيابة عن وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، أن انعقاد هذا المنتدى يأتي في مرحلة مفصلية من تاريخ سوريا، بهدف تأسيس مرحلة جديدة من البناء وإعادة الإعمار وإطلاق الفرص الاستثمارية، لتحقيق تطلعات الشعب السوري.
وأضاف لبابيدي أن انعقاد المنتدى يتزامن مع ذكرى التحرير، وهو تجسيد للسياسة الخارجية السورية الجديدة، التي تقوم على التعاون مع جميع دول العالم، والاحترام المتبادل، والبحث عن شراكات حقيقية تخدم مصالح الشعب السوري وتسهم في بناء سوريا.
تعزيز العلاقات الاقتصادية
من جانبه، أكد سفير كوريا الجنوبية في لبنان المكلف بتسيير شؤون بلاده في سوريا "غيوسوك جون" التزام بلاده بدعم المشاريع المستقبلية التي تساهم في إعادة إعمار سوريا، وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ومواصلة تطوير قنوات التواصل والتعاون المشترك. وأشار إلى أن انعقاد المنتدى في دمشق يمثل بداية فصل جديد في العلاقات الكورية السورية، ويعكس استعداد البلدين لتعزيز التعاون المشترك.
ولفت إلى اهتمام الشركات الكورية باستكشاف الفرص المتاحة في مجالات البنية التحتية، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصناعة، وغيرها من القطاعات الحيوية. وأكد أن النقاشات التي شهدها المنتدى تعكس بداية مسار يقوم على الشراكة والمرونة والازدهار المشترك، وأن العمل الذي بدأ خلال هذا الحدث سيستمر من خلال علاقات وأفكار تساهم في بلورة تعاون ملموس في المرحلة المقبلة.
وأشار المدير العام لدائرة الشؤون الأفريقية والشرق أوسطية في وزارة الخارجية الكورية "غوانغ يونغ جونغ" إلى أن العلاقات بين سوريا وكوريا الجنوبية تعكس التزام البلدين بتعميق العلاقات وبناء شراكة قوية قائمة على الثقة المتبادلة.
وأكدت مديرة المكتب الإقليمي للوكالة الكورية لترويج التجارة والاستثمار (كوترا) "هانا كيم" التزام الوكالة بتعزيز التواصل مع الجهات الحكومية والشركات السورية، لاستكشاف فرص التعاون ودعمها بكل الإمكانات، وبناء مستقبل مشرق مبني على الصداقة والشراكة بين البلدين، داعية إلى تحويل الأفكار والنقاشات التي تم طرحها في المنتدى إلى مشاريع تعاون عملية تساهم في إعادة إعمار سوريا وتنمية اقتصادها.
التجربة الكورية
أوضح وزير الاتصالات وتقانة المعلومات عبد السلام هيكل أن التجربة الكورية الجنوبية تعتبر نموذجاً مهماً للاطلاع والاستفادة، وتقدم مثالاً عملياً يمكن الاستفادة منه في سوريا لتحقيق التنمية بالسرعة المطلوبة، وخاصة في مجال بناء بنية تحتية حديثة تمكن مختلف القطاعات.
وأشار الوزير هيكل إلى أن السوق السورية تعد نقطة ارتكاز لوجستية مهمة يمكن للشركات الكورية الاستفادة منها، سواء عبر المشاركة في النهضة الاقتصادية المحلية، أو عبر استخدام سوريا كمنصة للوصول بسهولة إلى أسواق إقليمية واسعة.
شراكات واقعية
أكد رئيس اتحاد غرف التجارة السورية علاء العلي أن الملتقى الكوري–السوري الأول يمثل مساراً عملياً قابلاً للتحول إلى شراكات واقعية في مجالات واسعة، لافتاً إلى أن التكنولوجيا الكورية، المقترنة بالكوادر السورية وخبرات القطاع الخاص، يمكن أن تثمر مشاريع نوعية تساهم في تعزيز الاقتصاد السوري وتنويعه، ورفع قدرته التنافسية.
وأكد العلي التزام اتحاد غرف التجارة السورية بخلق مناخ استثماري محفز وترسيخ الشفافية وضمان حقوق المستثمرين، والعمل على فتح الطريق أمام الشركات الكورية لدخول السوق السورية من خلال مسارات واضحة وتعاون فعال.
أشار مدير عام المؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة إلى أن المنتدى أتاح فرصة حقيقية لتبادل الرؤى والأفكار حول آفاق التعاون المشترك، واستكشاف فرص الاستثمار وإعادة الإعمار، وبحث سبل الاستفادة من الخبرات الكورية في مجالات التكنولوجيا، والصناعة، والبنية التحتية والطاقة، بما ينسجم مع توجهات الحكومة السورية نحو الانفتاح الاقتصادي وبناء شراكات استراتيجية مع الدول الصديقة.
وبين ممثل هيئة الاستثمار السورية أمين محمد أن الهيئة حلقة وصل بين المستثمرين من جميع أنحاء العالم والمؤسسات الحكومية السورية، لضمان التنسيق السلس والشفافية طوال عملية الاستثمار، مشيراً إلى الجهود التي تبذلها الهيئة بإرشاد المستثمرين خلال إجراءات الاستثمار، ودعمهم أثناء تنفيذ المشاريع، ومتابعتهم بعد إطلاقها لضمان نجاحها واستمراريتها.
ويأتي انعقاد المنتدى الاقتصادي السوري الكوري الأول في سياق توجه الحكومة السورية لفتح قنوات تعاون مع دول تمتلك قدرات تقنية وصناعية متقدمة، ولا سيما في مرحلة التحضير لإعادة الإعمار، كما أنه يمثل خطوة تأسيسية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وبناء شراكات من المعول أن تتحول مستقبلاً إلى مشاريع عملية على أرض الواقع.