الإثنين, 29 سبتمبر 2025 12:36 PM

نتنياهو يقر: حزب الله يعرقل هيمنتنا على لبنان والمنطقة

نتنياهو يقر: حزب الله يعرقل هيمنتنا على لبنان والمنطقة

لم يكن خطاب رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو أمام الأمم المتحدة مجرد تعداد لإنجازات عسكرية أو دبلوماسية، بل كشف عن استراتيجية شاملة تحدد رؤية إسرائيلية بعيدة المدى لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالح تل أبيب. أبرز ما في الخطاب كان الاعتراف بأن المقاومة لا تزال العائق الأساسي أمام مشروع إخضاع لبنان تحت مسمى «السلام» بالمفهوم الإسرائيلي، أي تحويله إلى ساحة منزوعة الإرادة والقدرة الدفاعية.

هذا اعتراف صريح بفشل الحرب الإسرائيلية الأخيرة في القضاء على حزب الله أو إضعافه لفرض خيارات استراتيجية تمس هوية لبنان وموقعه. بالتوازي، روّج نتنياهو لخيارات عدوانية أصبحت عقيدة سياسية – أمنية جديدة، تقوم على «الاستباق والمبادرة والهيمنة» بدلاً من الردع والاحتواء التقليديين.

إشادة نتنياهو بقرار الحكومة اللبنانية بتفكيك سلاح حزب الله، تمثل مدخلاً لفهم أهداف إسرائيل تجاه لبنان، وتفكيك الرهانات التي تحكم السياسة الإسرائيلية، بما فيها إعادة تعريف «السلام» كأداة لتفكيك المقاومة، وليس لبناء استقرار حقيقي.

إشادة نتنياهو بنزع سلاح حزب الله من على منبر الأمم المتحدة، تجسيد لأولوية لبنان في مخططات تل أبيب. وجه للحكومة اللبنانية رسالة صريحة: «نحتاج إلى أكثر من الكلام»، داعياً إلى خطوات عملية ضد حزب الله. تكشف هذه الإشارة خيبة إسرائيل من عدم التنفيذ، ورغبتها في تحميل الدولة اللبنانية كلفة سياسية وأمنية تقوّض الاستقرار، عبر الدفع نحو حرب أهلية.

وضع نتنياهو الحكومة اللبنانية أمام خيارين: إما المبادرة إلى خطوات داخلية تُفجّر الساحة وتجرّ البلاد نحو صراع أهلي، أو استمرار الاعتداءات الإسرائيلية تحت شعار «حماية النفس». هذه المعادلة تعكس تحولاً في المفهوم الأمني الإسرائيلي، من الردع إلى المنع، ومن الاحتواء إلى المبادرة. الهدف هو فرض نسخة إسرائيلية من «وقف إطلاق النار»، أي تجريد لبنان من قدراته الدفاعية، ومنع المقاومة من ترميم قدراتها، أو ما وصفه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بمرحلة «التعافي الجهادي».

وسع نتنياهو خطابه ليؤكد أن «الانتصار على حزب الله» هو مدخل للسلام مع لبنان وسوريا، وأن «الانتصار على حماس» هو جسر للسلام مع العالمين العربي والإسلامي، وصولاً إلى توسيع اتفاقيات أبراهام. هذه المقاربة تكشف أن إسرائيل لا تعتبر الصراع مجرد مواجهة مع فصائل محلية، بل مشروعاً إقليمياً لإعادة تشكيل المشرق العربي.

لكن نتنياهو يعترف بأن تحقيق هذه الرؤية يحتاج إلى سنوات، مشيراً إلى أن كثيرين ممن أعلنوا الحرب على إسرائيل «سيختفون غداً»، ليحلّ مكانهم قادة وأحزاب وجماعات جاهزة للخضوع للهيمنة الأميركية – الإسرائيلية، أو «صنّاع السلام الشجعان». هذه الرؤية تتطلب تحييد إيران.

يكشف خطاب نتنياهو عن دور إسرائيلي في الصراع الدائر داخل الأمة، بين معسكرين: الأول يطالب بالاستقلال والتحرر والسيادة، والثاني يهيئ نفسه لإضفاء الشرعية على الاحتلال الصهيوني والخضوع للهيمنة الأميركية – الإسرائيلية. هذا التقسيم يهدف إلى إعادة إنتاج «إسرائيل الكبرى».

تضمن الخطاب حقائق جوهرية:

  • إقرار بمحدودية النتائج مقابل الطموحات الإسرائيلية. حزب الله لا يزال عقبة استراتيجية.
  • مشروع لتفكيك الدول من الداخل: ربط «السلام» بخطوات ضد المقاومة تحريض على حرب داخلية.
  • توسيع ساحة المواجهة لتشمل إيران.
  • إعادة تعريف الأمن الإسرائيلي: الانتقال من الردع إلى المبادرة يعبر عن تحول في الاستراتيجية الإسرائيلية.
  • محاولة احتكار مفهوم السلام: «سلام» يقوم على التفكيك والسيطرة.

في الخلاصة، خطاب نتنياهو وثيقة استراتيجية تكشف التفكير الإسرائيلي، وتبرز أن إسرائيل تعتبر المقاومة حجر الزاوية الذي يعيق مشروعها الإقليمي. هذا ما لم يستطع نتنياهو تجاهله.

الخلاصة الأهم أن ميزان القوة في المنطقة لم يُحسَم بعد، وأن المقاومة في لبنان وغزة وطهران ليست مجرد قوى عسكرية، بل منظومات ردع إقليمي تربك مشروع الهيمنة. خطاب نتنياهو يكشف أن إسرائيل تحاول إعادة كتابة قواعد اللعبة، ولكنها لم تتمكن من كسر التوازن التاريخي الذي أنتجته المقاومة. كل «السلامات» التي يُسوّق لها لن تكون سوى استراحة محارب إذا لم تُعالَج جذور الصراع.

خطاب نتنياهو، بدل أن يكون إعلان انتصار، هو اعتراف بأن إسرائيل لم تنجح بعد في فرض مشروعها النهائي، وأن المعركة لا تزال مفتوحة. هذا الاعتراف يؤكد أن الحقائق الميدانية أقوى من التصورات النظرية، وأن المنطقة أمام اختبار طويل حول من يمتلك المبادرة الإستراتيجية.

أخبار سوريا الوطن

مشاركة المقال: