الخميس, 8 مايو 2025 02:40 AM

وزير النقل يكشف لسانا عن خطط تطوير القطاع: هيكلة جديدة، مشاريع متعثرة، واستيراد السيارات

وزير النقل يكشف لسانا عن خطط تطوير القطاع: هيكلة جديدة، مشاريع متعثرة، واستيراد السيارات

دمشق-سانا أكد وزير النقل الدكتور يعرب بدر أن جهد الوزارة انصب منذ التحرير على فهم واقع قطاع النقل الحالي، والوقوف على أسباب التردي والتراجع الحاصل فيه في السنوات الماضية، سواء لجهة الخدمات المقدمة أو إدارة هذا القطاع، وذلك بهدف إيجاد الحلول وتجاوز المعوقات والوصول إلى برامج إستراتيجية ترتقي بخدمات النقل إلى المستوى الذي يلبي طموحات المواطنين. الهيكلية الجديدة، وواقع عمل مديريات النقل، والنقل الداخلي، وتأهيل الطرق، واستيراد السيارات، والسكك الحديدية، والمشاريع المتعثرة وقيد التنفيذ.. جميعها محاور مهمة سلط الضوء عليها الوزير بدر في لقاء خاص مع سانا، تضمن شرحاً لكل هذه التفاصيل.

الهيكلية الجديدة والواقع الحالي

ورثت إدارة وزارة النقل الحالية عن الحكومات السابقة واقعاً مختلطاً، وفق وصف الوزير بدر الذي أوضح أن هناك جهداً ينصب على إعادة الهيكلية لتنظيم هذا الواقع من حيث المؤسسات التي انفصلت عن الوزارة والمؤسسات التي انضمت إليها، في إطار رؤية شاملة لإصلاح قطاع النقل مشيراً إلى أن هذه الرؤية تقوم على مبدأ توحيد الجهات المتعلقة بتنظيم النقل البري في سوريا لجهة واحدة تكون مرتبطة بالوزارة، ليتم تقديم خدمات نقل الركاب والبضائع بالشكل الأيسر والأكثر كفاءة. وأوضح بدر أن هذا سيحتاج إلى قانون جديد شامل لإصلاح قطاع النقل، ستنجم عنه مؤسسات جديدة، محدداً ثلاثة أشهر كبرنامج زمني للعمل على هيكلية جديدة مستدامة، بالتعاون مع جميع الجهات القائمة في الوزارة ومع وزارة التنمية الإدارية.

صعوبات فنية وتنظيمية 

بين وزير النقل أن ‏أهم مشكلة واجهتها الوزارة، ‌‏الكم الكبير من شكاوى المواطنين التي وصلت عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تتعلق بمشاكل تنظيمية وفنية بعمل مديريات النقل ومدارس السوق ‏”مراكز ‏إجازة السوق”، حيث تقوم مديريات النقل بتقديم جزء من الخدمات ‏المطلوبة، والجزء الآخر متعطل حالياً، ولا سيما المتعلق بتسجيل المركبات الحديثة ونقل ملكية مركبة. ‏ولفت بدر إلى أن النوع الأول من المشاكل “الفني” يخص الربط بين مديريات النقل وبين المراكز الحدودية التي تم من خلالها دخول المركبات الجديدة، إضافة إلى الربط بين وزارة النقل، وعدد من الجهات الأخرى كشرطة المرور للاطلاع على براءة ذمة مركبات، أما النوع الثاني وهو الأهم والأكثر تعقيداً “التنظيمي” فيحمل في طياته الكثير من التناقضات بين الإجراءات التي تم العمل عليها خلال فترة الأشهر الماضية، وبين القوانين والأنظمة النافذة التي يحتاج بعضها للتعديل، مبيناً أن حل الإجراءات الفنية سيأخذ وقتاً يصل إلى ثلاثة أسابيع من تاريخه، أما التنظيمية فتحتاج لوقت أكثر. وأوضح بدر أنه تم إلغاء بعض الخطوات غير الضرورية التي كانت سائدة في زمن النظام البائد، كسند التمليك والوثائق المطلوبة لتسجيل المركبة، حيث كان‏ يُطلب سابقاً لتسجيل مركبة تسعة أنواع من الوثائق، واليوم يتم تقديم ثلاثة أنواع فقط.

مشاريع متعثرة.. من المتوقع عودتها

المشاريع المتعثرة سابقاً والتي كانت متوقفة بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري في عهد النظام البائد، أسهمت في تغير المناخ الاستثماري للكثير من مشاريع النقل، وحول ذلك أوضح الوزير بدر أن العديد من المشاريع الطموحة في مجال النقل البري تعطلت بسبب العقوبات، والكثير من تلك المشاريع كان مطروحاً على مبدأ التشاركية بين القطاعين العام الخاص، منها مشروع الطريقين الجديدين “محور شمال جنوب من باب الهوى إلى الحدود الأردنية” و”محور غرب شرق من مرفأ طرطوس إلى الحدود العراقية”، ومشروع مترو دمشق الذي أُعدت الجدوى الاقتصادية له، ومشروع إنشاء محطة لوجستية كبرى في قلب سوريا في حسياء، وجميعها الآن مشاريع متعثرة. وأعرب الوزير بدر عن أمله بعد أن تحسن المناخ الاستثماري بعودة العمل على هذه المشاريع الاستثمارية المتعثرة، حيث كانت البداية مع توقيع عقد مع شركة “سي إم إيه سي جي إم”  الفرنسية لنقل الحاويات والشحن لتطوير محطة نقل الحاويات في مرفأ اللاذقية، ويمتد العقد لـ 30 سنة، ما يدل على ثقة الشركة للاستثمار في سوريا واستدامة المناخ الاستثماري فيها، مضيفاً: “نأمل أن تشكل هذه الخطوة عدوى للشركات الأوروبية الكبرى للاستثمار في سوريا والقدوم للاستثمار في مجالات أخرى تهم قطاع النقل”.

الطرق البرية والنقل الداخلي

الطرق وتأهيلها في سوريا تعاني كغيرها من القطاعات وفق الوزير بدر، فهذا الجانب يعاني من نقص الصيانة الشديد خلال الفترة الماضية، ويحتاج قبل كل شيء إلى عملية تقييم شاملة للوضع الفني لشبكة الطرق من أجل وضع خطة رشيدة لصيانة الطرق القائمة، واستكمال شبكه الطرق المركزية. وأشار بدر إلى أنه كان يوجد مشروع إنشاء طريقين جديدين شمال غرب وشرق جنوب، معرباً عن أمله بإعادة إقلاع هذا المشروع وتوفر الإمكانيات لاستكمال خطوط تربط بين مراكز المدن، أهمها الخط الذي يفترض أن ينطلق من دمشق إلى تدمر ومنه إلى دير الزور، وخطوط أخرى مثل المتحلق الكبير في دمشق وتحويلة دمشق الكبرى وتحويلة حمص الكبرى. وفيما يتعلق بالنقل الداخلي أوضح الوزير بدر أنه من أولويات الوزارة، وأهم الهواجس التي  تلامس مصلحة المواطنين، مشيراً إلى أن هناك رؤية لتطوير النقل الداخلي بالاعتماد على المنسوب الذاتي والاستفادة من الهبات، والتركيز على القطاع الخاص في هذا المجال، موضحاً أنه ستدخل قريباً إلى سوريا باصات نقل داخلي مقدمة من إحدى الدول الصديقة، صحيح أنها لن تكون كافية ولكنها بداية الطريق، وستكون جرعة الأوكسجين التي يمكن أن تغير حالة النقل الداخلي في بعض المدن للأفضل، وتمهيداً لاستكمالها بمشاريع أخرى. وبالنسبة لأجور النقل أكد بدر أنه يتم العمل عليها بالتنسيق الدقيق مع المحافظين مع الأخذ برؤيتهم في هذا المجال، حيث تم إحداث المؤسسة العامة لنقل الركاب في سوريا، وهذه المؤسسة يتداخل عملها قليلاً مع عمل الإدارة المحلية والأنظمة المنصوص عليها في القانون، حيث هناك جهد يبذل لفك هذه التشابكات على المدى الإسعافي السريع، ومن بين هذه القضايا الوصول إلى تعرفة مناسبة تحقق العائد الاستثماري للمستثمر، وتضمن مصلحة الشرائح الأكبر من المواطنين، وتتوافق مع دخلهم، وما يمكن أن تدفعه الأسر لوسائل النقل الداخلي.

استيراد السيارات

بين الوزير بدر أنه تم دخول أعداد كبيرة من السيارات الحديثة بعد التحرير مباشرة، وذلك إثر فرحه الناس بالتحرير أولاً، ولتعويض النقص في السوق المحلية بعد انقطاع السيارات الحديثة من سوريا لفتره طويلة من الزمن، مشيراً إلى أنه من جانب آخر فإن التسهيلات التي تم تقديمها لدخول السيارات من سلاسة الإجراءات في المعابر وتخفيض الرسوم الجمركية تسبب في حالة إغراق السوق المحلية بالسيارات الحديثة، لكن هذا الوضع مؤقت، ولا يحظى بمقومات الاستدامة. وأوضح بدر أن سوريا لا تستطيع الاستمرار في هذا الانفتاح على هذه الأعداد الكبيرة من المركبات، ومن المتوقع أن يتم في المستقبل اتخاذ إجراءات معينة لن تمس الأشخاص الذين استوردوا سياراتهم، لكن ستعطي فترة زمنية لهم لتتم إعادة تنظيم دخول السيارات إلى سوريا، بحيث تختصر على عمر معين وبحالة فنية منضبطة، بما يحافظ على سلامة المرور ويضمن عدم حدوث الكثير من الحوادث.

قطاع السكك الحديدية.. هل يستعيد ألقه 

قال وزير النقل: إنه في السنوات الأخيرة لم يحظَ قطاع السكك الحديدية بالاهتمام المناسب مع العلم أن السكك الحديدية هي قطاع نقل مستدام، يُفترض التركيز عليه للحفاظ على الاستدامة وحمايه البيئة وتخفيض أعداد الحوادث، ولفت إلى أن المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية والمؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي عانتا من صعوبات  تشغيلية وتمويلية كبرى خلال الفترة السابقة بسبب التخريب الذي حصل في بعض الخطوط والسرقات التي تحصل اليوم لبعض الخطوط. وكشف بدر أن هذا القطاع من أولويات الحكومة اليوم ويحظى بدعم واهتمام من دول صديقة، ولذلك ستستضيف سوريا زواراً من عدة دول عربية وأجنبية لتقييم وضع الخطوط الحديدية، وإعداد برنامج للترميم حسب الأولويات، أملاً بأن يسمح ذلك بعودة الخطوط الحديدية لنقل البضائع والركاب بشكل أفضل وزيادة سرعات قطارات الركاب إلى 160 كلم بالساعة، وزيادة انتظام عمليات النقل.

كيف سيكون قطاع النقل بعد عام من التحرير

عند سؤال الوزير بدر عن رؤيته المتوقعة لقطاع النقل بعد مرور عام من التحرير، قال بدر: “أرى مديريات نقل تقدم خدمات سلسة سهلة بدون حواجز وواسطات للمواطنين ولمعقبي  المعاملات، وبأقصى وقت ممكن، مع أتمتة للكثير من العمليات التي لا تتطلب كشفاً فنياً، والتي تتم بشكل رقمي، كما أرى في المدن السورية شبكات نقل داخلي تتميز بالكفاءة والخدمة النظيفة والسليمة والصديقة للبيئة تضمن خدمات لأكبر عدد من شرائح المجتمع السوري”. وأضاف وزير النقل: “كما أرى قانوناً جديداً لمبدأ وصيغة الشحن، ومنصة إلكترونية تقوم بالتوفيق ما بين طلب نقل البضائع والعرض من قبل الشاحنين سواء لشركات نقل البضائع أو للأفراد الذين يمتلكون شاحنات بإشراف فني دقيق من الوزارة”.

تابعوا أخبار سانا على ا و

مشاركة المقال: