دليل الأسلوب في الإعلام: كيف يصنع "الدستور" التحريري هوية المؤسسة الإعلامية؟


هذا الخبر بعنوان "“كتاب الأسلوب”.. دستور العمل في وسائل الإعلام" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ١٢ أيار ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في عام 2004، بدأتُ العمل في إحدى الصحف الخليجية. كسوري قادم من بيئة صحفية وسياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة، لولا "كتاب الأسلوب"، لكنت بحاجة إلى أشهر لأتعرف إلى المفردات واللغة الخاصة بالوسيلة الإعلامية، وكذلك الحساسيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. تخيّل أن تضطر لحفظ أسماء آلاف الأمراء والمسؤولين وتصنيفهم، مع تداخلات في المناصب! كان هناك كتاب يعتمده الصحفيون، موضوع على الطاولة، إضافة إلى مسائل أخرى تدخل في "كتاب الأسلوب".
لا أدّعي ولا يدّعي صحفيو ومسؤولو المملكة العربية السعودية بأن الأمور كانت على أفضل حال فيما يخص مهمة الصحافة وتقليل جرعة التشريفات. تطورت صحافتهم، فبعد سنوات، تقرر ألا يكون استقبال وزير لوزير آخر خبرًا، وحتى ألا تكون استقبالات الملك وولي العهد أخبارًا وصورًا على الصفحة الأولى إذا لم تحمل جديدًا يهمّ المصلحة العامة.
سُقت المثال لأدخل في موضوع "كتاب الأسلوب" في الصحافة والإعلام، وهو "الدستور" الذي يضبط العمل ويوضح الرؤية لدى فريق العمل. "كتاب الأسلوب" في الصحافة هو دليل جامع للقواعد والأصول في الكتابة الصحفية الصحيحة، ويعكس السياسة التحريرية لكل وسيلة إعلامية، حكومية كانت أم خاصة.
تخيل أن تخرج قناة تلفزيونية رسمية بوصف الوزير بـ"معالي"، ثم تخرج صحيفة أو وكالة رسمية بوصف "سيادة". مهنيًا، لا أفضل لأي صحفي أن يستخدم الصيغتين، ولو كنت بموقع قرار لمنعت تداولهما، فالوزير وزير وكفى.
يضمن "كتاب الأسلوب" (Stylebook) أو "دليل الأسلوب" (Style guide) دورًا كبيرًا وأساسيًا في وضوح نهج الوسيلة الإعلامية، ويوحّد مصطلحاتها وأمكنة استخداماتها.
يتضمن "كتاب الأسلوب" عناصر مختلفة منها باختصار:
هناك تداخلات كبيرة تأخذها المؤسسات بعين الاعتبار عند كتابة "الدليل" منها:
كما أن هناك تداخلات تخص مرحلة كتابة "الدليل"، إذ لا يمكن فصل الفرق عن بعضها، ويجب أن تتشكل مجموعة عمل تمثل أكثر من جهة داخل كل مؤسسة أو وسيلة إعلامية. ضرورة إدماج الفرق تأتي لتحقيق التكامل بين الأهداف والقواعد الفنية والمهنية والموارد البشرية، إذ لا يمكن صياغة "دليل أسلوب" في صحيفة أو وكالة أنباء أو تلفزيون، دون نقاش وعصف ذهني يشارك فيه المسؤولون عن الأقسام التحريرية والأقسام الفنية والموارد. حين تقرر صحيفة ألا يتجاوز عدد كلمات العنوان أربع كلمات، يجب سؤال المخرج أو "الماكيتيست" عن متطلبات مثل هذه الخطوة إخراجيًا، وينطبق الحال على نشرات الأخبار في التلفزيون، إذ يحتاج الفنيون لفهم ما هو مطلوب كي يتحقق التناسق (Harmony)، وبذلك تنال المؤسسة أو الوسيلة الإعلامية ثقة الجمهور، وتستطيع الكوادر فهم الأدوار الموكلة إليها.
يحتاج "دليل الأسلوب" في ذات الوقت إلى مساحة حرية كبيرة لتحقيق أهدافه، فالطرق التقليدية للإعلام الرسمي في الأنظمة الشمولية، تقوم على قاعدة ماذا تريد السلطة. أذكر عندما كنت طالبًا في قسم الصحافة بجامعة "دمشق"، وخلال زيارة لجريدة "البعث" كدرس عملي في مادة تخص "الإخراج الصحفي"، سألت المخرج عن قواعد الإخراج المتبعة في الصحيفة فنظر إلي متعجبًا وهو يقول: "نتبع مدرسة العميد تركي صقر". كان الأخير رئيسًا لتحريرها بل حاكمها.. وللحديث بقية.
سياسة
اقتصاد
سوريا محلي
رياضة