حلب تستعيد نبضها: حملة لصيانة إشارات المرور تعيد تنظيم حركة السير

بدأ مجلس مدينة حلب، بالتعاون مع مبادرات محلية، أعمال صيانة وتأهيل إشارات المرور في أحد أحياء حلب شمالي سوريا، ضمن خطة لتحسين السلامة المرورية وتنظيم حركة السير. وبدأ المجلس أعمال الصيانة اليوم، الأبعاء 14 من أيار، في تقاطع المهندسين بحلب، الذي يعتبر إحدى أهم النقاط المرورية، وتأتي هذه الخطوة في المناطق التي تفتقر إلى إشراف مروري فعال منذ أشهر.

ويشرف على تنفيذ المبادرة فريق ضمن حملة “منورة يا حلب”، التي تعمل على خطة تشمل إعادة إنارة الشوارع الرئيسة في المدينة، وتأهيل الإشارات الضوئية في العقد المرورية الكبرى. مدير هندسة المرور في مجلس مدينة حلب، سائد بدوي، أوضح لعنب بلدي أن خطة الصيانة الحالية تشمل 13 إشارة ضوئية موزعة على المحاور الرئيسة داخل المدينة، من بينها الإشارات الواقعة على “المحلقات” (الطرق الرئيسة الخارجية) والطرق المركزية.

وقال بدوي، إن مدة تنفيذ أعمال الصيانة تستغرق نحو 20 يومًا، ومن المفترض أن تكون الإشارات المدرجة في الخطة جاهزة للعمل بالكامل مع نهاية المدة. وأشار إلى أن الهدف من الحملة هو تعزيز السلامة المرورية وتنظيم حركة السير، بالتنسيق مع فرع مرور حلب، إلى جانب إعداد دراسات مرورية جديدة لبعض الأحياء التي تشهد ازدحامًا كبيرًا، مثل حي جب القبة ضمن أحياء حلب القديمة. كما يعمل المجلس على وضع حلول هندسية لمعالجة الاختناقات المشابهة في مناطق أخرى.

أبرز العقبات التي تواجه صيانة إشارات المدينة، تتمثل في التقنين الكهربائي، بحسب بدوي. وتعتمد الإشارات الضوئية على التغذية الكهربائية المباشرة أو على منظومات الطاقة الشمسية، وكلاهما يتأثر بعدد ساعات التزويد بالطاقة. وذكر أن بعض الإشارات تتعرض لأعمال تخريب متعمدة، بعضها من قبل متسولين، ما يستدعي جهودًا إضافية في أعمال الصيانة والحماية. ونوّه إلى أن فرق العمل تسعى إلى تثبيت بطاريات داعمة لضمان استمرار تشغيل الإشارات حتى ساعات متأخرة من الليل.

من جانبه، أوضح المهندس علاء المهندس، المشرف الميداني على مبادرة “منورة يا حلب”، أن المبادرة تعمل على محورين متوازيين. يتمثل الأول في إعادة إنارة الطرقات الرئيسة، والثاني في تأهيل الإشارات الضوئية على التقاطعات الأكثر ازدحامًا. وأكد أن المبادرة تسعى إلى إنارة الشوارع في الأحياء الشرقية والغربية للمدينة، عبر إعادة تأهيل منظومات الطاقة الشمسية المركبة منذ عام 2018، والتي كانت مهملة طوال السنوات الماضية.

وقال المهندس لعنب بلدي، إن من بين المواقع التي شملتها الأعمال، الأوتوستراد الدائري الجنوبي من جسر “الحج” حتى طريق الصاخور، إضافة إلى منطقتي بستان القصر والكلاسة، مشيرًا إلى أن هنالك دراسات لإضاءة طريق المطار لاحقًا. وفي القسم الغربي من المدينة، انتهت أعمال الإنارة في محور شارع فيصل، ويجري العمل على استكمال التوسعة حتى دوار الشيحان، باعتباره أحد المداخل الرئيسة لمدينة حلب من الجهة الشمالية، كما جرت إنارة محيط جامعة حلب ومستشفى حلب الجامعي.

وبيّن أن المبادرة انطلقت برعاية محافظة حلب، وبالشراكة مع مجلس المدينة، والشركة العامة للكهرباء، إلى جانب عدد من منظمات المجتمع المدني والفعاليات المحلية. من جانبها، تشارك جمعية “كفاف” بتنظيف ألواح الطاقة الشمسية في الأحياء الشرقية ضمن الحملة، في حين تتزامن أعمال “منورة يا حلب” مع حملة “الوفاء لحلب”، التي أُطلقت لتحسين واقع المدينة الخدمي.

المهندس عمار سليمان، أحد المشرفين على المشروع، قال لعنب بلدي، إن تقاطع حي المهندسين يعد من أكثر النقاط خطورة، حيث تكررت فيه الحوادث بسبب تعطل الإشارات، رغم أعمال الصيانة الدورية. وأوضح أن منطقة تقاطع المهندسين بعيدة نسبيًا عن مركز المدينة، لافتًا إلى تعرض شبكة الإشارات فيها للسرقة بشكل متكرر، ما يصعب من عملية الحفاظ على استدامة عملها.

وبيّن أن منظمة “الإحسان للتنمية والإغاثة” قدمت تمويلًا لأعمال صيانة عدد من الإشارات، من بينها تقاطع المهندسين، كما جرى تنفيذ أعمال صيانة لإشارات حي السليمانية وساحة الجامعة، مع وجود خطط مستقبلية تشمل إشارات “البراء” قرب منطقة الأعظمية. وأشار إلى أن البلدية قدمت قائمة بالمواقع المتضررة والإشارات المعطلة إلى المنظمات المعنية، لكنها لا تزال بانتظار توقيع العقود اللازمة من مجلس المدينة، في ظل صعوبات اقتصادية وصفها بـ”غير المشجعة”.

وتتوزع الإشارات الضوئية في مدينة حلب بين نقاط تعمل بشكل متقطع وأخرى متوقفة عن الخدمة، بينما تستمر الجهات المحلية والمجتمعية بتنفيذ أعمال صيانة في بعض التقاطعات، وتطرح مبادرات لإعادة تشغيل الإشارات في مناطق محددة.

عانت المدن الكبرى في سوريا، في الأيام الأولى بعد سقوط النظام السوري السابق، في 8 من كانون الأول 2024، من أزمات مرورية نتجت عن توقف إشارات المرور عن العمل، فضلًا عن انقطاع شرطة المرور عن العمل.

بالمقابل، انتشرت مبادرات مجتمعية على مختلف الجغرافيا السورية، بعد سقوط النظام، لملء الفراغ الناتج عن السقوط المفاجئ، ومنها تنظيم حركة المرور. كما قامت مبادرات أخرى، لمساعدة المؤسسات الحكومية للنهوض بخدماتها، أبرزها “الوفاء لحلب” التي استطاعت جمع مبلغ نحو مليوني دولار، من متبرعين ومنظمات، لتنظيم حملات مجتمعية وخدمية.