اليمن وسوريا: دروس المراحل الانتقالية.. هل ينجح اليمن حيث فشل سابقاً؟


هذا الخبر بعنوان "تجارب المراحل الانتقالية في اليمن وسوريا: دروس مستفادة وآفاق جديدة" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢١ أيار ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في ظل التطورات السياسية والجيوسياسية الكبيرة التي يشهدها العالم العربي، لا سيما بعد سقوط نظام الأسد السابق في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، أصبح الحديث عن المراحل الانتقالية محور اهتمام العديد من الدول التي تعاني أزمات سياسية أو مسلحة، ومن بينها اليمن، الذي يعيش منذ عام 2011 حالة انتقالية فاشلة أدت إلى انقلاب الحوثيين على الدولة وإقامة نظام استبدادي.
ورغم الاختلافات الجوهرية بين الحالتين، فإن التشابه في الطبيعة الثورية، والمواجهة مع أنظمة استبدادية، يفتح المجال أمام اليمن ليتعلم من التجربة السورية، خاصة فيما يتعلق بالحزم والسرعة في بناء مؤسسات الدولة، ومواجهة المليشيات المسلحة، والاعتماد على الكفاءات الوطنية. وقال الصحفي اليمني صدام الحريبي في حديث لمنصة إن تصميم مرحلة انتقالية قادمة في اليمن سيكون “قريباً جداً”، مشيراً إلى أن القيادة اليمنية قد استفادت من الأخطاء التي وقعت فيها المرحلة الانتقالية السابقة، والتي أدت إلى تمكين الحوثيين من السيطرة على الدولة.
ولفت الحريبي إلى أن أحد أهم الدروس المستفادة من الفشل في اليمن هو ضرورة عدم التعامل مع الجماعات المسلحة بـ”اللامبالاة”، وعدم السماح لها بالتحرك بحرية تحت ضغوط خارجية. وقال: “في الماضي، كانت بعض الدول تضغط على الحكومة الانتقالية بعدم التصدي للمليشيات، في الوقت الذي كانت فيه تدعمها بالسلاح بهدف إسقاط النظام”. وعن الإيجابيات المحتملة للاستفادة من النموذج السوري، قال الحريبي: “إن النموذج السوري حقق نجاحاً غير متوقع، حيث استطاع الثوار إنهاء نظام استبدادي كان قائماً منذ خمسين سنة، وهو ما يعطي أملاً بأن اليمنيين يستطيعون أيضاً تحقيق هدفهم في إنهاء الانقلاب الحوثي”.
وفي ظل التشخيص السياسي للأحداث في اليمن، والانقلابات الداخلية التي أنهت أي مشروع دولة، يرى الكاتب والباحث اليمني نبيل البكيري أن المراحل الانتقالية هي مراحل تحولات خطيرة تتطلب إعادة ترتيب شاملة للنسيج السياسي والاجتماعي، ويؤكد أن المرحلة الانتقالية في اليمن فشلت لأنها لم تحقق الأهداف التي وضعت من أجلها.
واعتبر البكيري في حديث لمنصة أن المراحل الانتقالية هي مراحل تحولات خطيرة تتطلب إعادة ترتيب شاملة للنسيج السياسي والاجتماعي، وشدد على أن المرحلة الانتقالية في اليمن فشلت لأنها لم تحقق الأهداف التي وضعت من أجلها. وأوضح أن من أخطر الأخطاء التي وقعت فيها المرحلة الانتقالية في اليمن هو “عدم تنفيذ العدالة الانتقالية”، قائلاً: “كان يجب التركيز على معاقبة مجرمي الحرب وجبر الضرر للضحايا، لكن الذي حدث هو العكس، حيث منحت الحصانة البرلمانية للمجرمين وتم تقاسم السلطة معهم، مما أعطاهم الفرصة لإعادة ترتيب أوراقهم والانقلاب على الثورة”. وعن النموذج السوري، أشار البكيري إلى أنه يبدو أكثر نضجاً، حيث “تجاوز الكثير من الإشكاليات المتعلقة بتقاسم السلطة، وشكل حكومة من كفاءات بعيدة عن المحاصصة، وحدد مدة المرحلة الانتقالية ومحدداتها الدستورية، وهي خطوات مبشرة إذا تمت المتابعة عليها”.
من جانبه، رأى المحلل السياسي السوري إبراهيم ياسين في حديث لمنصة أن المقارنة بين الحالتين اليمنية والسورية “ليست دقيقة”، بسبب اختلاف طبيعة المجتمعات والتكتلات والأجندات الخارجية. وقال ياسين: “إن الواقع مختلف، لكن هناك درساً مشتركاً هو أن لا شيء يحدث صدفة، وأن أي مرحلة انتقالية تحتاج إلى خطة واضحة، وتصميماً قوياً، وحماية من التدخلات الخارجية”. وأكد ياسين أن النجاح الذي حققه السوريون في تجاوز بعض التحديات “ليس سهلاً”، لكنه يعود إلى “الضرب بيد من حديد ضد كل من يحاول زعزعة الاستقرار، سواء من الداخل أو الخارج”.
ومن خلال الجمع بين آراء المختصين الثلاثة، يتضح أن هناك إجماعاً على أن المرحلة الانتقالية القادمة في اليمن يجب أن تكون مختلفة تماماً عن سابقتها، وأن تستفيد من تجارب كل من سوريا وليبيا ومصر.
ومع تصاعد الأحداث في سوريا وتغير المشهد السياسي فيها، يتجه التفكير العربي نحو استخلاص الدروس من هذه التحولات. وفي اليمن، حيث لا تزال البلاد غارقة في أزمة سياسية وأمنية مستمرة منذ أكثر من عقد، تبدو التجربة السورية مصدر إلهام حقيقي لبناء مرحلة انتقالية فاعلة وخالية من التجاوزات التي أدت إلى فشل المشروع الوطني سابقاً.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة