تضامن دولي مع إيران: موسكو وبكين تدعمان طهران في مواجهة التهديدات الإسرائيلية

أعربت كل مِن روسيا والصين، جنباً إلى جنب باكستان والجزائر، أثناء الجلسة الطارئة الأخيرة التي عقدها «مجلس الأمن» التابع لـ«الأمم المتحدة»، عن دعمها لإيران، مندّدةً بالممارسات الإسرائيلية التي تدفع المنطقة والعالم إلى «حافة الهاوية». وترافق ذلك مع حديث وسائل الإعلام العبرية، بما فيها «القناة 14»، عن «دعم» تقدّمُه كل مِن باكستان والصين وروسيا «في نقل شحنات جوية تشمل صواريخ»، على حدّ تعبيرها، في مقابل «توبيخ» مستمرّ تتلقّاه إسرائيل، لا سيّما من الجانب الصيني.

وبحسب صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، دان الممثّل الدائم للصين لدى «الأمم المتحدة»، فو كونغ، خلال الجلسة الطارئة، انتهاك إسرائيل لسيادة إيران وأمنها وسلامة أراضيها، وحثّ تل أبيب على وقف جميع «مغامراتها العسكرية على الفور». كما أشار فو إلى أنّ بكين تعارض أي عمل من شأنه تصعيد التوتّرات وتوسيع الصراع، مُعرباً عن قلقه البالغ «إزاء العواقب الوخيمة المحتملة لأفعال إسرائيل».

وطبقاً للمبعوث الصيني، فإنّ «الصراعات المستمرّة والتوتّرات المتزايدة في الشرق الأوسط أدّت إلى أزمات إنسانية غير مسبوقة، خاصة في غزة، التي لا تزال تتعرّض لهجوم وحصار طويل الأمد»، داعياً المجتمع الدولي إلى العمل، بشكل جماعي، لتأمين وقف فوري لإطلاق النار في غزة، ومنع المزيد من الصراعات والتوتّرات الإقليمية. كما حثّ المسؤول الصيني الدول «التي تتمتّع بنفوذ كبير على إسرائيل، على تأدية دور بنّاء» في هذا الصدد، في إشارة على الأغلب إلى الولايات المتحدة.

وانسحب الموقف الصيني المندّد بالعدوان الإسرائيلي الأخير على الأراضي الإيرانية، على محافل أخرى، من بينها «مجلس محافظِي الوكالة الدولية للطاقة الذرية»؛ إذ دان ممثّل بكين الدائم هناك العمل العسكري الإسرائيلي مجدّداً، معارضةَ بلاده للهجمات المسلحة على المنشآت النووية السلمية، حسبما نقلت وكالة «شينخوا» الصينية للأنباء عن لي سونغ. وأردف لي إنّ الصين «تبقى ملتزمة بتعزيز الحل السلمي للقضية النووية الإيرانية، عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية، بينما تعارض اللجوء إلى القوة والعقوبات الأحادية غير القانونية»، مشيراً إلى أنّ بكين ستحافظ على اتصالات وثيقة مع جميع الأطراف، وستتعامل بشكل مشترك مع «المسألة الملحّة الحالية» في «مجلس محافظِي الوكالة».

وتزامنت تلك المواقف مع إجراء وزير الخارحية الصيني، وانغ يي، السبت، مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي غدعون ساعر. وطبقاً لوسائل إعلام صينية رسمية، وعقب استماع الوزير الصيني إلى «إحاطة حول آراء إسرائيل بشأن الأوضاع الراهنة وموقفها»، فقد أكّد الأخير أنّ الصين لطالما دعت إلى حل النزاعات الدولية عبر الحوار والتشاور، وتُعارض في الوقت عينه استخدام القوة أو العقوبات. وذَكر المسؤول الصيني أنّ بكين تُعارض، بالتالي، وبشدّة، «استخدام إسرائيل للقوة، في انتهاك للقانون الدولي، لمهاجمة إيران»، مشدّداً على أنّ مثل تلك الإجراءات «غير مقبولة، بشكل خاص، في الوقت الذي لا يزال فيه المجتمع الدولي يعمل على التوصّل إلى حل سياسي للقضية النووية الإيرانية».

وفي اليوم عينه، أجرى وانغ يي مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، معرباً عن دعم الصين لإيران «في حماية سيادتها الوطنية والدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة». كذلك، أشار وزير الخارجية إلى أنّ الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية «شكّلت سابقة خطيرة»، فيما تبقى الصين «مستعدّة للحفاظ على الاتصالات مع إيران والأطراف الأخرى ذات الصلة للمساعدة في تهدئة الوضع الحالي»، بحسب المصدر نفسه.

من جهتها، تسعى موسكو، على ما يبدو، إلى التوسط في الصراع المتصاعد، وهو ما دفع بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى التأكيد لإيران أنّ بلاده مستعدّة لـ«مواصلة المساعدة في تسوية أزمة برنامج إيران النووي». وأفاد الكرملين، بدوره، بأنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أبلغ نظيره دونالد ترامب، خلال مكالمة هاتفية، بأنّ روسيا «مستعدّة للعمل كوسيط بين إسرائيل وإيران» في المستقبل، نظراً إلى «أهمية منع الصراع من التصاعد»، في حين قال ترامب، عقب الاتصال، إنّ الأخير تتطرّق مطولاً إلى الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، مؤكّداً في منشور عبر منصته «تروث سوشال» أنّه خلال الاتصال الذي استمر لنحو ساعة، بدا «أنّ بوتين يشعر، مثلي، أنّ هذه الحرب يجب أن تنتهي، وأنا أوضحت له أنّ حربه يجب أن تنتهي أيضاً».

وقبيل الاتصال، كان مندوب روسيا الدائم لدى «الأمم المتحدة»، فاسيلي نيبينزيا، جدّد إدانة موسكو لتصرفات إسرائيل ضد إيران، والتي أشار إلى أنها تشكّل «انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي»، مؤكّداً أنّ الهجوم الإسرائيلي «غير مبرّر»، وإن حاولت إسرائيل أن تدّعي عكس ذلك. وطبقاً للمندوب الروسي، فإنّ «مغامرات إسرائيل العسكرية» تدفع المنطقة إلى «شفا حرب كبرى».